رسول الله صلى الله عليه وسلم «أفطر الحاجم والمحجوم» وهذا اذا كان ظنه مبنيا على فتوى مضت أو سماع حديث أما اذا كان غير مبنى على أحدهما فانه يلزمه القضاء والكفارة بالاتفاق بخلاف المغتاب لو أفطر على ظن ان الغيبة فطرته لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «الغيبة تفطر الصائم» لأنه مؤول بالاجماع فلا يكون جهله فى موضع الاجتهاد الصحيح.
ومن زنى بجارية والده أو زوجته على ظن أنها تحل له فان الحد لا يجب عليه عندنا خلافا لزفر رحمه الله تعالى لأن الأملاك متصلة بين الآباء والأبناء والزوجين والمنافع دائرة، ولهذا لا تقبل شهادة أحدهما للآخر فيكون محلا للاشتباه فيصير الجهل شبهة فتصلح دائرته للحد ويسمى هذا شبهة الاشتباه فلا يثبت بها النسب وان أدعى ولدها ولا تجب العدة بخلاف ما اذا وطئ الأب جارية ابنه حيث يثبت النسب اذا ادعى ولدها وان قال علمت انها على حرام لأن الشبهة نشأت فيه عن الدليل وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنت ومالك لأبيك» وشبهة الدليل أقوى من شبهة الاشتباه.
والثالث: الجهل بالشرائع فى دار الحرب من مسلم أسلم فيها ولم يهاجر، فذلك يكون عذرا حتى لو مكث فيها ولم يعلم ان عليه الصلاة والزكاة وغيرهما ولم يؤدهما لا يلزم عليه قضاؤها خلافا لزفر رحمه الله تعالى لخفاء الدليل فى حقه وهو الخطاب لعدم بلوغه اليه حقيقة بالسماع وتقديرا بالشهرة فيصير جهله بالخطاب عذرا بخلاف الذمى اذا أسلم فى دار الاسلام لشيوع الاحكام والتمكن من السؤال. ويلحق بذلك القسم جهل الشفيع بالبيع حتى يكون عذرا ويثبت له حق الشفعة اذا علم بالبيع لأن الدليل خفى فى حقه أيضا اذ ربما يقع البيع ولا يشتهر. ويلحق به جهل الأمة بالاعتاق وكذا بالخيار اذا اعتقت الأمة المنكوحة يثبت لها خيار العتق ان شاءت أقامت مع الزوج وان شاءت فارقته لحديث بريرة ملكت نفسك فاختارى، فجهلها بالتق أو بالخيار يجعل عذر لأن الدليل خفى فى حقها.
أما فى الأول فظاهر.
وأما فى الثانى فلأن خدمة المولى شاغله لها عن تعلم احكام الشرع بخلاف خيار البلوغ كمن زوجها الاخ أو العم فانه يبطل بالجهل بالخيار لأن الدليل غير خفى فى حقها لتمكنها من التعلم. ومن هذا القسم جهل البكر بنكاح الولى فان الولى اذا زوج البكر البالغة ولم تعلم بالنكاح ويجعل جهلها عذرا حتى يكون لها الخيار وان سكتت قبله، وكذا جهل الوكيل باطلاق الوكالة وجهل المأذون بالاذن يكون عذرا فانه لا يصير وكيلا ولا مأذونا بدون العلم حتى لا ينفذ تصرفها قبل ذلك على الموكل والمولى، وكذا جهل الوكيل بالعزل والمأذون بالحجر يكون عذرا ايضا لكنه ينفذ تصرفهما لخفاء الدليل.
وقالوا لو لم تعلم الامة المنكوحة بأن لها خيار العتق لا يبطل بسكوتها، ولو لم تعلم الصغيرة الحرة خيار البلوغ فى انكاح غير الأب والجد بطل.