للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيمنع وجوب أداء الحقوق جميعا اذ المعتوه لا يقف على عواقب الأمور كصبى ظهر فيه قليل عقل وتحقيقه أن نقصان العقل لما أثر فى سقوط‍ الخطاب عن الصبى كما أثر عدمه فى حقه أثر فى سقوط‍ الخطاب بعد البلوغ أيضا كما أثر عدمه فى السقوط‍ بأن صار مجنونا لأنه لا أثر للبلوغ الا فى كمال العقل فاذا لم يصل الكمال بحدوث هذه الآفة كان البلوغ وعدمه سواء.

قال الشيخ رحمه الله تعالى: الخطاب يسقط‍ عن المجنون كما يسقط‍ عن الصبى فى أول أحوال الصبا تحقيقا للعدل وهو أن لا يؤدى الى تكليف ما ليس فى الوسع.

ويسقط‍ عن المعتوه كما يسقط‍ عن الصبى فى آخر أحوال الصبا تحقيقا للفضل وهو نفس الحرج عنه نظرا ومرحمة على المعتوه لغيره كما تثبت على الصبى لأنه ثبوت الولاية من باب النظر ونقصان العقل مظنة النظر والمرحمة لأنه دليل العجز، ولا يلى هو على غيره لأنه عاجز عن التصرف بنفسه فلا بد على غيره (١). وأما النوم فيعجز العبد به عن أداء الحقوق فلزم بآخر الخطاب فى حق العمل به، لا سقوط‍ الوجوب بالاحتمال الأداء حقيقة بالانتباه أو احتمال خلفه، عدم الانتباه وهذا لأن نفس العجز لا يسقط‍ أصل الوجوب وانما يسقط‍ وجوب العمل الى حين القدرة الى أن يطول زمان الوجوب ويتكثر الواجب فحينئذ يسقط‍ دفعا للحرج والنوم لا يمتد عادة بحيث يخرج العبد فى قضاء ما يفوته فى حال نومه فانه لا يمتد ليلا ونهارا عادة.

واذا كان النوم كما بينا أنه غير ممتد وغير مستلزم للحرج لم يسقط‍ الوجوب به لأنه لا يحل بالأهلية لأن الأهلية وجوب العبادات بالذمة وبالاسلام والنوم لا تحل بهما (٢).

يوضح ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها اذا ذكرها - فان ذلك - وقتها فان قوله فليصلها اذا ذكرها دليل على أن الوجوب ثابت فى حق النائم والناس قال الامام البرغرى رحمه الله تعالى فى هذا الحديث اشارة الى أن الصلاة واجبة، حالة النوم ولكن تأخر وجوب أدائها بعذر النوم لأنه صلى الله عليه وسلم قال من نام عن صلاة، ولو لم تكون واجبة حالة النوم لما كان نائما عن الصلاة.

والنوم ينافى الاختيار أصلا لأن الاختيار بالتمييز ولم يبقى للنائم تميز فلذلك بطلت عبارات النائم فيما بنى على الاختيار مثل الطلاق والعتاق والاسلام والردة والبيع والشراء وصار كلامه لعدم التميز والاختيار بمنزلة الحان الطيور فلا يعتبر.

والمصلى اذا قرأ فى صلاته وهو نائم فى حال قيامه لم تصح قراءاته كما قلنا، وكذا لا يعتد قيامه وركوعه وسجوده من الفرض لصدورها لا عن اختيار، وأما القعدة الأخيرة فلا نص فيها عن محمد رحمه الله تعالى، وقيل انها تعد من الفرض لأنها ليست بركن ومبناها على الاستراحة فيلائمه النوم فيجوز أن يحتسب من الفرض بخلاف سائر الأفعال فان مبناها على المشقة فلا يتأذى فى حالة النوم، وذكر فى المنية انه اذا نام فى القعدة كلها ثم انتبه فعليه ان يقعد قدر التشهد فان لم يفعل فسدت صلاته وذكر فى النوادر ان قراءة النائم تنوب عن الفرض لأن الشرع جعل النائم كالمسقط‍ فى حق الصلاة كذا فى الذخيرة. واذا تكلم النائم فى صلاته لم تفسد صلاته لأنه ليس بكلام لصدوره كمن لا تمييز له، وذكر فى الخلاصة ان المصلى اذا نام وتكلم فى حالة تفسد صلاته من غير ذكر خلاف، وفى النوازل انه اذا تكلم فى الصلاة وهو فى النوم تفسد صلاته هو المختار واذا قهقه النائم فى صلاته قال الحاكم أبو محمد رحمه الله تعالى تفسد صلاته ويكون حدثا لأنه قد يثبت بالنص أن القهقهة فى صلاة ذات ركوع وسجود، وقد وجدت، ولا فرق


(١) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ١٣٩٤، ص ١٣٩٥ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ١٣٩٨، ص ١٣٩٩ نفس الطبعة.