للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن شروط‍ صحة الصيام العقل قال مالك رحمه الله تعالى: من بلغ وهو مجنون مطيق فمكث سنين ثم أفاق فليقض صوم تلك السنين ولا يقضى الصلاة كالحائض، وقال ابن يونس رحمه الله تعالى القول فى المغمى عليه كالقول فى المجنون وهو بخلاف النائم قال ابن القاسم رحمه الله تعالى فى المدونة: من أغمى ليلا فى رمضان وقد نوى صوم ذلك اليوم فلم يفق الا عند الماء وبعد ما أضحى لم يجره صوم ذلك اليوم ويقضيه وأما من أغمى عليه جل اليوم ففى المدونة قال مالك رحمه الله تعالى:

من أغمى عليه قبل طلوع الشمس فأفاق عند الغروب لم يجزه صلاة لأنه أغمى عليه أكثر النهار، وأما من أغمى عليه أقل اليوم ولم يسلم أوله فقد جاء فى المدونة أن من نوى صوم ذلك اليوم فلم يفق الا بعد ما أضحى لم يجزه صوم ذلك اليوم، قال ابن القاسم رحمه الله تعالى من أغمى عليه قبل الفجر فلم يفق الا بعده لم يجزه صومه بخلاف النائم لو نام قبل الفجر فانتبه قبل الغروب أجزأه صومه ولو كان ذلك الاغماء لمرض به لم يجزه صومه قال ابن يونس رحمه الله تعالى: لأن المغمى عليه غير مكلف فلم تصلح له نية والنائم مكلف لو نبه انتبه.

وجاء فى مواهب الجليل (١) أن الجنون اذا طرأ بعد الفجر ولم يطل هل هو كالاغماء أم لا؟ ظاهر كلام ابن عبد السلام أنه ليس كالاغماء فانه قال فى شرح قول ابن الحاجب رحمه الله تعالى:

وان كان فى أقله وأوله ما لم فكالنوم، يريد أن كان الاغماء فى أقل النهار مع سلامة أوله فلا أثر له كالنوم وذلك لكثرته فى الناسى ولا يلزم على هذا الحاق الجنون به فى هذا لقلته، وظاهر كلام صاحب الطراز أن حكم الجنون والاغماء سواء فقد قال فى باب الاعتكاف: انما اذا أغمى عليه أوجن وكان فى عقله حين الفجر أو أكثر النهار ولم يخرج من المسجد حتى دخل الليل يجزئه عكوفه ذلك اليوم على ما مر فى صحة صومه.

وجاء فى الشرح الكبير أن الاعتكاف يبطله سكر المعتكف ليلا حراما وان صحا منه قبل الفجر قال الدسوقى: وأولى أن يبطله سكره نهارا ومثل السكر بحرام كل مخدر استعمله ليلا وخدره، أما سكر المعتكف بحلال فيبطل اعتكاف يومه ان كان السكر نهارا، والحال ان الشرب ليلا كالجنون والاغماء فيجرى فيه ما جرى فيهما على ما سيأتى بيانه (٢).

والعذر الطارئ على المعتكف أما اغماء أو جنون أو حيض أو نفاس أو مرض والاعتكاف أما نذر معين من رمضان أو من غيره أو نذر غير معين أو تطوع معين بالملاحظة أو غير معين، وعلى كل حال اما أن يطرأ العذر قبل الشروع فى الاعتكاف أو بعد الشروع فيه أو يقارن الشروع فيه.

فان كان الاعتكاف نذرا معينا من رمضان أو نذرا غير معين وطرأت خمسة الاعذار قبل الشروع فى الاعتكاف أو بعده أو مقارنة له فانه يبنى فى كل هذه الأحوال وان كان نذرا معينا بغير رمضان فان طرأت خمسة الأعذار قبل الشروع فى الاعتكاف أو مقارنة له فلا يجب القضاء وان طرأت بعد الشروع فالقضاء متصلا وان كان تطوعا معينا بالملاحظة أو غير معين فلا قضاء سواء طرأت خمسة الأعذار قبل الشروع أو بعده أو مقارنة له (٣).

وجاء (٤) فى مواهب الجليل انه لا يشترط‍ فى صحة الحج الا الاسلام فيصح الحج لغير المميز والمجنون


(١) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب ج‍ ١ ص ٤٢٧ الطبعة السابقة.
(٢) التاج والاكليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن يوسف بن أبى القاسم العبدرى ج‍ ٢ ص ٤٢٢ الطبعة السابقة.
(٣) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب ج‍ ١ ص ٤٢٢ الطبعة السابقة.
(٤) الشرح الكبير لشرح مختصر خليل ج‍ ١ ص ٥٤٤.