للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العدول أنه يهذى ويختل عقله، وان شهدوا أنه لم يستنكر منه شئ فى صحة عقله فلا يقبل قوله ولزمه الطلاق، قاله ابن القاسم رحمه الله تعالى فى العشرة قال فى التوضيح:

وتحصيل القول فى السكران أن المشهور أنه تلزمه الجنايات والعتق والطلاق والحدود ولا تلزمه الاقرارات والعقود.

قال فى البيان: وهو قول مالك وعامة أصحابه رحمهم الله تعالى وأظهر الأقوال ثم قال: وعلى المشهور من عدم الزامه بالنكاح فقال فى البيان اختلف ان قالت البينة انها رأت منه اختلاطا ولم تثبت الشهادة بسكره على قولين أحدهما وهو المشهور أنه يحلف ولا يلزمه النكاح والثانى انه لا يصدق ولا يمكن من اليمين ويلزمه النكاح ثم قال: وحمل فى البيان قول مالك رحمه الله تعالى لا أرى نكاح السكران جائزا وقول سحنون رحمه الله تعالى لا يجوز بيعه ونكاحه وهبته وصدقته على معنى أنه لا يلزمه ذلك وله أن يرجع عنه، قال: ولا يقال فى شئ من ذلك على مذهب مالك رحمه الله تعالى أنه غير منعقد وانما يقال غير لازم.

وكلام ابن شعبان يدل على أن عقوده غير منعقدة لأنه جعل بيعه من الغرر، ثم قال: اذا أوصى السكران بوصية فيها عتق ووصايا لقوم واذا أبت عتق عبيده فى مرضه فقال صاحب البيان الصحيح على مذهب مالك رحمه الله تعالى أنه ان مات من مرضه ذلك نفذ العتق وغيره من الثلث على معنى الوصية وان صح من مرضه نفذ عليه العتق ولزومه وكان له الرجوع فيما بتله من الهبة والصدقة من أجل السكر (١).

وجاء فى المدونة أن طلاق المبرسم فى هذياته لا يلزمه، قال ابن القاسم رحمه الله تعالى.

وكذا ان سقى السكيران ولم يعلم، قال ابن رشد رحمه الله تعالى قول ابن القاسم ولم يعلم فيه نظر لأنه يدل على أنه لو شربه وهو يعلم أنه يفقد عقله لزمه ما أعتق أو طلق وان كان لا يعقل وهذا لا يصح أن يقال وانما الزم من ألزم السكران طلاقه وعتقه لأن معه بقية من عقله لا لأنه أدخل السكر على نفسه وقول من قال انه أدخل السكر على نفسه غير صحيح وقال ابن عرفة طلاق السكران أطلق الصقلى وغير واحد الروايات بلزومه وقال ابن رشد رحمه الله تعالى: السكران المختلط‍ طلاقه لازم، وقال ابن عبد الحكم رحمه الله تعالى لا يلزمه، وذكره المازرى رحمه الله تعالى رواية (٢).

وجاء فى مواهب الجليل أنه يشترط‍ فى انعقاد البيع أن يكون عاقده مميزا فلا ينعقد بيع غير المميز لصغر أو جنون أو اغماء ولا ينعقد شراؤه فان كان عدم تمييزه لسكر أدخله على نفسه ففى انعقاد بيعه وشرائه تردد اذ اختلف المتأخرون فى نقل المذهب فى ذلك.

قال ابن عبد السلام رحمه الله تعالى فى شرح قول ابن الحاجب وشرطه التمييز وقيل الا السكران يعنى أنه يشترط‍ فى العاقد أن يكون مميزا ولا يشترط‍ العقل فيدخل الصبى ويخرج السكران لوجود التمييز فى الصبى وفقده من السكران والعقل مفقود منهما، وقال فى التوضيح أى شرط‍ صحة بيع العاقد وشرائه أن يكون مميزا فلا ينعقد بيع غير المميز ولا شراؤه لصغر أو جنون أو اغماء أو سكر، ولا اشكال فى الصبى.

والمجنون والمغمى عليه أما السكران فهو مقتضى ذكر ابن شعبان رحمه الله تعالى، فانه قال: ومن الغرر بيع السكران وابتياعه اذا كان سكره متيقنا، ويحلف بالله ما عقل حين فعل ذلك ثم لا يجوز ذلك عليه، قال ابن نافع رحمه الله تعالى ينعقد بيع السكران، والجمهور


(١) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب ج‍ ٤ ص ٤٣ الطبعة السابقة.
(٢) التاج والاكليل لشرح مختصر خليل للمواق ج‍ ٤ ص ٤٣ الطبعة السابقة.