للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه ولا يبطل الاحرام بالجنون ولا بالاغماء ولا بالسكر كالنوم.

ولا يجزئ حج المجنون عن حجة الاسلام الا أن يفيق ثم يحرم قبل الدفع من عرفة أو بعده أو عاد فوقف فى وقته ثم أتم حجه (١).

ولا ينعقد احرام مع وجود جنون أو اغماء أو سكر لعدم صحة القصد اذن (٢).

ولا خلاف فى اعتبار العقل لأن الولاية انما تثبت نظرا للمولى عليه عند عجزه عن النظر لنفسه ومن لا عقل له لا يمكنه النظر ولا يلى نفسه فغيره أولى وسواء فى هذا من لا عقل له لصغره كطفل ومن ذهب عقله بجنون أو كبر كالشيخ اذا أفند، قال القاضى رحمه الله تعالى والشيخ الذى قد ضعف لكبره فلا يعرف موضع الخطر لها لا ولاية له فأما الاغماء فلا يزيل الولاية لأنه يزول عن قرب فهو كالنوم ولذلك لا تثبت الولاية عليه ويجوز على الأنبياء عليهم السلام ومن كان يجن فى الأحيان لم تزل ولايته لانه لا يستديم زوال عقله فهو كالأغماء (٣).

وان أوجب النكاح زال عقله بجنون أو اغماء بطل حكم الايجاب ولم ينعقد بالقبول بعده لأنه ما لم يضان القبول لم يكن عقدا فبطل بزوال العقل كالعقود الجائزة تبطل بالموت والجنون وان زال عقله بنوم لم يبطل حكم الايجاب لأنه لا يبطل العقود الجائزة فكذلك هذا (٤).

وأجمع أهل العلم على أن الزائل العقل بغير سكر أو ما فى معناه لا يقع طلاقه كذلك عثمان وعلى وسعيد بن المسيب وغيرهم وأجمعوا على أن الرجل اذا طلق فى حال نومه لا طلاق له، وقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:

(رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ‍، وعن الصبى حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق) وروى عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم انه كل الطلاق جائز الا طلاق المعتوه المغلوب على عقله (٥).

ولأنه قول يزيل الملك فاعتبر له العقل كالبيع، وسواء زال عقله لجنون أو اغماء أو نوم أو شرب دواء أو اكراه على شرب خمر أو شرب ما يزيل عقله شربه ولا يعلم أنه مزيل للعقل فكل هذا يمنع وقوع الطلاق رواية واحدة .. ولا نعلم فيه خلافا فأما ان شرب البنج ونحوه مما يزيل عقله عالما به متلاعبا فحكمه حكم السكران فى طلاقه لأنه زال عقله بمعصية فأشبه السكران.

قال أحمد رحمه الله تعالى فى المغمى عليه اذا طلق فلما أفاق علم أنه كان مغمى عليه وهو ذاكر لذلك فقال:

اذا كان ذاكرا لذلك فليس هو مغمى عليه يجوز طلاقه. وقال فى رواية أبى طالب رحمه الله تعالى فى المجنون يطلق فقيل له بعد ما أفاق أنك طلقت امرأتك فقال أنا أذكر انى طلقت ولم يكن عقلى معى، فقال اذا كان يذكر أنه طلق فقال طلقت فلم يجعله مجنونا اذا كان يذكر الطلاق ويعلم به وهذا فيمن جنونه بذهاب معرفته بالكلية وبطلان حواسه، فأما من كان جنونه لنشانف أو كان مبرسما فانه يسقط‍ حكم تصرفه مع أن معرفته غير ذاهبة بالكلية فلا يضره ذكره للطلاق (٦).


(١) كشاف القناع على متن الاقناع لابن ادريس ج‍ ١ ص ٥٤٨، ٥٤٩ الطبعة السابقة.
(٢) شرح منتهى الارادات للشيخ منصور بن يونس البهوتى ج‍ ١ ص ٦٢٧ فى كتاب على هامش كشاف القناع عن متن الاقناع للشيخ منصور بن ادريس الطبعة السابقة.
(٣) المغنى لابن قدامة على مختصر الخرقى ج‍ ٧ ص ٣٥٥، ص ٣٥٦ الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق ج‍ ٧ ص ٤٣٢ نفس الطبعة.
(٥) رواه البخارى وقال الترمذى لا تعرفه الا من حديث عطاء بن عجلان وهو ذاهب الحديث.
(٦) المغنى لابن قدامة على مختصر الخرقى ج‍ ٨ ص ٢٥٤، ص ٢٥٥ فى كتاب أسفله الشرح الكبير على متن المقنع لابن قدامة الطبعة السابقة.