للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقطمير والغسلين رده الى أهله ووكله الى من نصب نفسه له من أهل التفسير ولو أجاب شفاها لم يستقبح هذا كلام الصيمرى والخطيب ولو قيل أنه يحسن كتابته للفقيه العارف به لكان حسنا أى وفرق بينه وبين مسائل الأحكام، وجاء فى موضع (١) آخر.

ليس بمنكر أن يذكر المفتى فى فتواه الحجة اذا كانت نصا واضحا مختصرا قال الصيمرى لا يذكر الحجة ان أفتى عاميا ويذكرها ان أفتى فقيها كمن يسأل عن النكاح بلا ولى فحسن أن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا نكاح الا بولى» أو عن رجعة المطلقة بعد الدخول فيقول له رجعتها قال الله تبارك وتعالى «وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ ٢» قال ولم تجر العادة أن يذكر فى فتواه طريق الاجتهاد ووجهة القياس والاستدلال الا أن تتعلق الفتوى بقضاء قاض فيومئ فيها الى طريق الاجتهاد ويلوح بالنكتة وكذا اذا أفتى غيره فيها بغلط‍ فيفعل ذلك لينبه على ما ذهب اليه ولو كان فيما يفتى به غموض فحسن أن يلوح بحجته وقال صاحب الحاوى لا يذكر حجة ليفرق بين الفتيا والتصنيف قال ولو ساغ التجاوز الى قليل لساغ الى كثير ولصار المفتى مدرسا.

والتفصيل الذى ذكرناه أولى من اطلاق صاحب الحاوى المنع: وقد يحتاج المفتى فى بعض الوقائع الى أن يشدد ويبالغ فيقول وهذا اجماع المسلمين أولا أعلم فى هذا خلافا أو فمن خالف هذا فقد خالف الواجب وعدل عن الصواب أو فقد أثم وفسق أو على ولى الأمر أن يأخذ بهذا ولا يهمل الأمر وما أشبه هذه الألفاظ‍ على حسب ما تقتيضيه المصلحة وتوجيه الحال، وجاء فى المجموع (٣).

وقال الصيمرى اذا رأى المفتى المصلحة أن يفتى العامى بما فيه تغليظ‍ وهو مما لا يعتقد ظاهره وله فيه تأويل جاز ذلك زجرا له كما روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه سئل عن توبة القاتل فقال لا توبة له وسأله آخر فقال له توبة فقال اما الأول فرأيت فى عينه ارادة القتل فمنعته وأما الثانى فجاء مستكينا قد قتل فلم أقنطه:

قال الصيمرى وكذا أن سأله رجل فقال ان قتلت عبدى هل على قصاص فواسع أن يقول ان قتلت عبدك قتلناك فقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قتل عبده قتلناه» ولأن القتل له معان قال ولو سئل عن سب الصحابى هل يوجب القتل فواسع أن يقول روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من سب أصحابى فاقتلوه فيفعل كل هذا زجرا للعامة ومن قل دينه ومروءته، وجاء فى موضع آخر (٤).

قال الصيمرى والخطيب اذا سئل عمن قال انا أصدق من محمد بن عبد الله أو الصلاة لعب وشبه ذلك فلا يبادر لقوله هذا حلال الدم أو عليه القتل بل يقول ان صح هذا باقراره أو بالبينة استتابه السلطان فان تاب قبلت توبته وان لم يتب فعل به كذا وكذا وبالغ فى ذلك وأشبعه قال وان سئل عمن تكلم بشئ ويحتمل وجوها يكفر ببعضها دون بعض قال يسأل هذا القائل فان قال أردت كذا فالجواب كذا وان سئل عمن قتل أو قلع عينا أو غيرها احتاط‍ بذكر الشروط‍ التى يجب بجميعها القصاص. وان سئل فعل ما يوجب التعزير ذكر ما يعزر به فيقول يضربه السلطان. كذا وكذا ولا يزاد على كذا.

هذا كلام الصيمرى والخطيب وغيرهما.

قال أبو عمر ولو كتب عليه القصاص أو التعزيز


(١) المجموع شرح المهذب لابن شرف النووى ج‍ ١ ص ٥١ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ٢٢٨ من سورة البقرة.
(٣) المجموع شرح المهذب للنووى ج‍ ١ ص ٥٠ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق ج‍ ١ ص ٤٩، ٥٠ وما بعدها الطبعة السابقة.