للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بشرط‍ فليس ذلك باطلاق بل تقييده بشرطه يحمل الوالى على السؤال على شرطه والبيان أولى.

وفى الاقناع (١) أنه يحرم الحكم والفتيا بالهوى اجماعا وليحدر المفتى أن يميل فى فتياه مع المستفتى أو مع خصمه، مثل أن يكتب فى جوابه ما هو له دون أن يكتب ما هو عليه ونحو ذلك وليس له أن يبتدئ فى مسائل الدعاوى والبينات بذكر وجوه المخالص منها وان سأله بأى شئ تندفع دعوى كذا وكذا.

وبينة كذا وكذا لم يجب لئلا يتوصل بذلك الى أبطال حق، وله أن يسأله عن حاله فيما ادعى عليه فاذا شرحه له عرفه بما فيه من دافع وغير دافع، ويحرم الحكم والفتيا بقول أو وجه من غير نظر فى الترجيح اجماعا ويجب أن يعمل بموجب اعتقاده فيما له وعليه اجماعا قاله الشيخ.

ولا يشترط‍ كون القاضى كاتبا أو ورعا أو زاهدا أو يقظا أو مثبتا للقياس أو حسن الخلق والأولى كونه كذلك - قال الشيخ: الولاية لها ركنان القوة والأمانة.

فالقوة فى الحكم ترجع الى العلم بالعدل وتنفيذ الحكم.

والأمانة ترجع الى خشية الله (٢).

ثم قال ويلزم المفتى تكرير النظر عند تكرار الواقعة وان حدث ما لا قول فيه - تكلم فيه حاكم ومجتهد ومضت وينبغى له أن يشاور من عنده ممن يثق بعلمه الا أن يكون فى ذلك افشاء سر السائل أو تعرضه للأذى أو مفسدة لبعض الحاضرين.

وحقيق أن يكثر الدعاء بالحديث الصحيح، ولا يجوز أن يلقى السائل فى الحيرة مثل أن يقول فى مسألة الفرائض تقسم على فرائض الله، أو يقول فيها قولان ونحوه بل يبين بيانا مزيلا للاشكال لكن ليس عليه أن يذكر المانع فى الميراث من الكفر وغيره وكذلك فى بقية العقود من الاجارة والنكاح وغير ذلك فلا يجب أن يذكر الجنون والاكراه ونحو ذلك.

والعامى يخير فى فتواه فيقول مذهب فلان كذا ويقلد العامى من عرفه عالما عدلا أو رآه منتصبا معظما ولا يقلد من عرفه جاهلا عند العلماء ويكفيه قوله عدل خبير.

قال ابن عقيل يجب سؤال أهل الفقه والخبر فان جهل عدالته لم يجز تقليده، ويقلد ميتا وهو كالاجماع فى هذه الأعصار وقبلها.

وفى الأحكام (٣) لابن حزم: قال واذا سئل العالم عن مسألة فأعيته أو نزلت به نازلة فأعيته فانه يلزمه أن يسأل الرواة عن أقوال العلماء.

فى تلك المسألة النازلة ثم يعرض تلك الأقوال على كتاب الله تعالى وكلام النبى صلى الله عليه وسلم كما أمره الله تعالى بقوله: «وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ ٤ إِلاّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» وإذ يقول الله عز وجل «وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ ٥ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ» وقول الله تبارك وتعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ٦ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً» فمن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليرد ما اختلف فيه من الدين إلى القرآن والسنة الواردة عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا يرد ذلك إلى رجل من المسلمين لم يؤمر بالرد اليه وفى الروض النضير (٧): يجب أن يكون


(١) الاقناع فى فقه الإمام أحمد بن حنبل ج‍ ٤ ص ٣٦٩ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٣٧٠، ٣٧١، ص ٣٧٢ وما بعدهم الطبعة السابقة.
(٣) الأحكام فى أصول الأحكام للحافظ‍ أبى محمد على ابن حزم الأندلسى الظاهرى ج‍ ٦ ص ١٥٠ وما بعدها طبع مطابع السعادة بمصر سنة ١٣٤٥ هـ‍ الطبعة الأولى.
(٤) الآية رقم ٧ من سورة الأنبياء.
(٥) الآية رقم ١٠ من سورة الشورى.
(٦) الآية رقم ٥٦ من سورة النساء.
(٧) انظر تتمة الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير ص ١٤٢ وما بعدها الطبعة السابقة.