كان التعليل ترجيحا للمعلل كما أفاده الرملى فى فتاواه من كتاب الغصب.
وكذا لو كان أحدهما استحسانا والآخر قياسا لأن الأصل تقديم الاستحسان الا فيما استثنى كما قدمناه.
فيرجع اليه عند التعارض، وكذا لو كان أحدهما ظاهر الرواية وبه صرح فى كتاب الرضاع من البحر حيث قال فى الفتوى اذا اختلفت كان الترجيح الظاهر الرواية وفيه من باب المعرف - اذا اختلف التصحيح وجب الفحص عن ظاهر الرواية والرجوع اليها وكذا لو كان أحدهما أنفع للوقف لما سيأتى فى الوقف - والاجارات أنه يفتى بكل ما هو أنفع للوقف فيما اختلف العلماء به.
وكذا لو كان أحدهما قول الأكثرين لما قدمناه عن الحاوى والحاصل أنه اذا كان أحد القولين مرجح على الآخر فيبقى فيه زيادة قوة لم توجد فى الآخر.
هذا ما ظهر لى من فيض الفتاح العليم.
وقال فى الدر المختار (١): أنه اذا تعارض أمامان معتبران عبر أحدهما بالصحيح والآخر بالأصح فالأخذ بالصحيح أولى لأنهما اتفقا على أنه صحيح والأخذ بالمتفق أوفق فليحفظ ثم رأيت فى رسالة آداب المفتى اذ زيلت رواية فى كتاب معتمد بالأصح أو الأولى أو الأوفق أو نحوها فله أن يفتى بها ويخالفها أيضا ايا شاء واذا ذيلت بالصحيح أو المأخوذ به أو به يفتى أو عليه الفتوى لم يفت بمخالفه الا اذا كان فى الهداية مثلا هو الصحيح فى الكافى بمخالفه هو الصحيح فيخير فيختار الأقوى عنده والألبق والأصلح.
فليحفظ وحاصل ما ذكره الشيخ قاسم فى تصحيحه أنه لا فرق بين المفتى والقاضى الا أن المفتى مخبر عن الحكم والقاضى ملزم به - أى الحكم والفتيا.
ولا يجوز العمل بالضعيف حتى لنفسه عندنا، وفى حكم التقليد والرجوع عنه بالقول المرجوح جهل وخرق للاجماع وأن الحكم الملفق باطل بالاجماع قال ابن عابدين قوله وان الحكم والفتيا الى آخره قال وكذا العمل به لنفسه.
قال العلامة الشرنبلالى فى رسالته العقد الفريد فى جواز التقليد مقتضى مذهب الشافعى كما قاله السبكى منع العمل بالقول المرجوح فى القضاء والافتاء دون العمل لنفسه.
ومذهب الحنفية المنع عن المرجوح حتى لنفسه لكون المرجوح صار منسوخا فليحفظ وقيده البيرى بالعامى أى الذى لا رأى له يعرف به معنى النصوص حيث قال هل يجوز للانسان العمل بالضعيف من الرواية فى حق نفسه نعم اذا كان له رأى اما اذا كان عاميا فلم أره لكن مقتضى تقييده بذى الرأى أنه لا يجوز للعامى ذلك قال فى خزانة الروايات العالم الذى يعرف معنى النصوص والأخبار وهو من أهل الدراية يجوز له أن يعمل عليها.
وان كان مخالفا لمذهب قلت لكن هذا فى غير موضع الضرورة فقد ذكر فى حيض البحر فى بحث ألوان الدماء أقوالا ضعيفة ثم قال وفى المعراج عن فخر الأئمة لو أفتى مفت بشئ من هذه الأقوال فى مواضع الضرورة طلبا للتيسير كان حسنا.
وكذا قول أبى يوسف رحمه الله تعالى فى المنى اذا خرج بعد فتور الشهوة لا يجب به الغسل ضعيف وأجازوا العمل به للمسافر أو الضيف الذى خاف الريبة كما سيأتى فى محله.
وذلك فى مواضع الضرورة قوله بالقول المرجوح كقول محمد رحمه الله تعالى مع وجود
(١) المرجع السابق وحاشية ابن عابدين عليه ج ١ ص ٥٢ وما بعدها الطبعة السابقة.