قول أبى يوسف رحمه الله تعالى اذا لم يصحح أو يقو وجهه وأولى من هذا بالبطلان الافتاء بخلاف ظاهر الرواية اذا لم يصحح والافتاء بالقول المرجوح عنه أهـ قوله وان الحكم الملفق المراد بالحكم الحكم الوضعى كالصحة مثاله متوضئ سال من بدنه دم ولمس امرأة ثم صلى فان صحة هذه الصلاة ملفقة من مذهب الشافعى والحنفى والتلفيق باطل فصحته منتفية أهـ قوله وان الرجوع الى آخره صرح بذلك المحقق بن الهمام رحمه الله تعالى فى تحريره ومثله فى أصول الأمدى وابن الحاجب وجمع الجوامع وهو محمول كما قال ابن حجر والرملى فى شرحيهما على المنهاج.
وابن قاسم فى حاشيته على ما اذا بقى من آثار الفعل السابق أثر يؤدى الى تلفيق العمل بشئ لا يقول به كل من المذهبين كتقليد الشافعى فى مسح بعض الرأس ومالك فى طهارة الكلب فى صلاة واحدة وكما لو أفتى ببينونة زوجته بطلاقها مكرها ثم نكح أختها مقلدا للحنفى بطلاق المكره ثم أفتاه شافعى بعدم الحنث فيمتنع عليه أن يطأ الأولى مقلدا للشافعى.
والثانية مقلدا للحنفى أو هو محمول على منع التقليد فى تلك الحادثة بعينها لا مثلها كما صرح به الامام السبكى وتبعه عليه جماعة وذلك كما لو صلى ظهرا بمسح ربع الرأس مقلدا للحنفى فليس له ابطالها باعتقاده لزوم مسح الكل مقلدا للمالكى.
وأما لو صلى يوما على مذهب وأراد أن يصلى يوما آخر على مذهب آخر فلا يمنع منه على أن فى دعوى الاتفاق نظرا فقد حكى الخلاف فيجوز اتباع القائل بالجواز كذا أفاده العلامة الشرنبلالى فى العقد الفريد ثم قال بعد ذكر فروع من أهل المذهب صريحة بالجواز وكلام طويل فتحصل مما ذكرناه انه ليس على الانسان التزام مذهب معين وأنه يجوز له العمل بما يخالف ما عمله على مذهبه مقلدا فيه غير امامه مستجمعا شروطه ويعمل بأمرين متضادين فى حادثتين لا تعلق الواحدة منهما بالأخرى وليس له ابطال عين ما فعله بتقليد امام آخر لأن امضاء الفعل كامضاء القاضى لا ينقض وقال أيضا ان له التقليد بعد العمل كما اذا صلى ظانا صحتها على مذهبه ثم تبين بطلانها فى مذهبه وصحتها على مذهب غيره فله تقليده ويجتزئ بتلك الصلاة على ما قال فى البزازية أنه روى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى أنه صلى الجمعة مغتسلا من الحمام ثم أخبر بفأرة ميتة فى بئر الحمام فقال نأخذ بقول اخواننا من أهل المدينة اذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا قوله وان الخلاف بين الامام وصاحبيه فيما اذا قضى بغير رأيه عمدا هل ينفذ فعنده نعم فى أصح الروايتين عنه وعندهما لا كما فى التحرير وقال شارحه نص فى الهداية والمحيط على أن الفتوى على قولهما بعدم النفاذ فى العمد والنسيان وهو مقدم على ما فى الفتاوى الصغرى والخانية من ان الفتوى على قوله لأن المجتهد مأمور بالعمل بمقتضى ظنه اجماعا وهذا خلاف ظنه أهـ.
وقد استشكل بعضهم هذه المسألة على قول الأصوليين أن المجتهد اذا اجتهد فى واقعة بحكم يمتنع عليه تقليد غيره فيما اتفاقا والخلاف فى تقليده قبل اجتهاده فيها والأكثر على المنع فهذه المسألة تبطل دعوى الاتفاق وأجاب فى التحرير بأن قول الامام بالنفاذ لا يوجب حمل الاقدام على هذا القضاء نعم وقد وقع فى بعض المواضع ذكر لخلاف فى الحل ويجب ترجيح رواية عدمه اهـ.
وحينئذ فلا اشكال فافهم مقوله.
وأما المقلد الى آخره نقله فى القنية عن المحيط وغيره وجزم به المحقق فى فتح القدير وتلميذه العلامة قاسم وأدعى فى البحر أن المقلد اذا قضى بمذهب غيره أو برواية ضعيفة أو بقول ضعيف نفذ.
وأقوى ما تمسك به ما فى البزازية عن شرح الطحاوى اذا لم يكن القاضى مجتهدا وقضى بالفتوى ثم تبين أنه على خلاف مذهبه نفذ وليس لغيره نقضه وله أن ينقضه كذا عن محمد.