للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الثانى ليس له أن ينقضه أيضا اهـ‍.

قال فى النهر وما فى الفتح يجب أن يعول عليه فى المذهب وما فى البزازية محمول على أنه رواية عنهما اذ قصارى الأمر أن هذا منزل منزلة الناس لمذهبه وقد مر عنها فى المجتهد أنه لا ينفذ فالمقلد أولى اهـ‍.

قوله منشورة، المنشور ما كان غير مختوم من كتب السلطان قاموس «قوله لكيف بخلاف مذهبه» أى فكيف ينفذ قضاؤه بخلاف مذهبه لأنه اذا نهاه عن القضاء بالأقوال الضعيفة فى مذهبه لا ينفذ قضاؤه فيها بخلاف مذهبه فى الأولى ومبنى ذلك على ما قالوا أن تولية القضاء تتخصص بالزمان والمكان والشخص.

فلو ولاه السلطان القضاء فى زمان مخصوص أو مكان مخصوص أو على جماعة مخصوصة تعين ذلك لأنه نائب عنه.

ولو نهاه عن سماع بعض المسائل لم ينفذ حكمه فيها كما اذا نهاه عن سماع حادثة مضى عليها خمس عشرة سنة بلا مانع شرعى والخصم منكر.

وقد ذكر الحموى فى حاشية الأشباه أن عادة سلاطين زماننا اذا تولى أحدهم عرض عليه قانون من قبله وأمر باتباعه. قوله وينقض لا حاجة اليه لأنه اذا كان معزولا بالنسبة لما ذكر لا صح له قضاء حتى ينقض لأن النقض انما يكون للثابت الا أن يقال أنه قضاء بحسب الظاهر.

قوله فى البرهان «وهو شرح مواهب الرحمن كلاهما للعلامة الطرابلسى» صاحب الاسعاف فى الأوقاف قوله بالنواجذ هى اضراس الحلم كما فى المغرب والكلام كناية عن غاية التمسك.

كما أن قولهم ضحك حتى بدت نواجذه عبارة عن المبالغة فى الضحك والا فلا تبدو بالضحك عادة كما حققه الامام الزمخشرى قوله نعم أمر الأمير الى آخره تصديق لما مر واستدراك بأمر آخر كالاستناد مما قبله هكذا عرف المصنف فى مثل هذا التركيب قوله نفذ أمره ان كان المراد بالأمر الطلب بلا قضاء وعليه فالمراد بالنفاذ وجوب الامتثال.

أصاب ذلك المجتهد أو أخطأ وقالوا المنتقل من مذهب الى مذهب آخر باجتهاد وبرهان آثم يستوجب التعزيز فبلا اجتهاد وبرهان أولى ولا بد أن يراد بهذا الاجتهاد معنى التحرى وتحكيم القلب لأن العامى ليس له اجتهاد.

ثم حقيقة الانتقال انما تحقق فى حكم مسألة خاصة قلد فيه وعمل به والا فقوله قلدت أبا حنيفة فيما أفتى من المسائل مثلا والتزمت العمل به على الاجمال.

وهو لا يعرف صورها ليس حقيقة التقليد بل هذا حقيقة تعليق التقليد أو وعد به لأنه التزم أن يعمل بقول أبى حنيفة فيما يقع له من المسائل التى تتيقن فى الوقائع فان أرادوا هذا الالتزام فلا دليل على وجوب اتباع المجتهد المعين بالزامه نفسه ذلك قولا أو نية شرعا بل الدليل اقتضى العمل بقول المجتهد فيما احتاج اليه لقول الله تبارك وتعالى «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ١ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» والسؤال انما يتحقق عند طلب حكم الحادثة المعينة وحينئذ اذا ثبت عنده قول المجتهد وجب عليه عمله به والغالب أن مثل هذه الزامات منهم لكف الناس عن تتبع الرخص والا أخذ العامى فى كل مسألة بقول مجتهد قوله أخف عليه وأنا لا أدرى ما يمنع هذا من النقل أو العقل وكون الانسان يتبع ما هو أخف على نفسه من قول مجتهد مسوغ له الاجتهاد ما علمت من الشرع ذمه عليه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب ما خفف عن أمته والله تعالى أعلم بالصواب، وفى الفتاوى الهندية (٢): أن القاضى اذا استفتى فى حادثة


(١) الآية رقم ٤٣ من سورة النمل.
(٢) الفتاوى العالمكرية المعروفة بين الناس بالفتاوى الهندية ج‍ ٣ ص ٣١٣ وما بعدها الطبعة السابقة.