للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال البرزلى وأما الانتقال من مذهب امام الى غيره ففى ذلك ثلاثة أقوال بالجواز والمنع والثالثة ان وقعت حادثة فقلده فيها فليس له الرجوع.

ثم قال الحطاب (١): ينبغى للقاضى أن يحضر العلماء ويشاورهم، واطلاق المشاورة ظاهره أنه سواء كان عالما بالحكم أو جاهلا وفى الطرر لابن عات لا يجوز للحاكم أن يشاور فيما يحكم فيه اذا كان جاهلا لا يميز الحق من الباطل لأنه اذا أشير عليه وهو جاهل لم يعلم أحكم بحق أم بباطل ولا يجوز له أن يحكم بما لا يعلم أنه الحق ولا يحكم بقول من أشار عليه تقليدا حتى يتبين له الحق من حيث تبين للذى أشار عليه.

وقال المازرى فى شرح التلقين القاضى مأمور بالاستشارة ولو كان عالما لأن ما ذكر فيه الفقهاء وبحثوا فيه تثق به النفس ما لا يثق بواحد اذا استبد برأيه ولا يمنع من ذلك كونهم مقلدين لاختلافهم فى الفتوى فيما ليس بمسطور بحسب ما يظن كل الواحد منهم أنه يقتضى أصول المذهب.

وفى التوضيح قال ابن عطية فى تفسيره ومن لم يستشر أهل العلم والدين فعزله واجب وهذا مما لا خلاف فيه.

وفى المجموع (٢): قال الخطيب البغدادى اذا لم يكن فى الموضع الذى هو فيه الا مفت واحد فافتأه لزمه فتواه.

وقال أبو المظفر السمعانى رحمه الله تعالى اذا سمع المستفتى جواب المفتى لم يلزمه العمل به الا بالتزامه وقال يجوز أن يقال أنه يلزمه اذا أخذ العمل به وقيل يلزمه اذا وقع فى نفسه صحته.

قال السمعانى وهذا أولى الأوجه.

قال الشيخ أبو عمر ولم أجد هذا لغيره وقد حكى هو بعد ذلك عن بعض الأصوليين أنه اذا أفتاه بما هو مختلف فيه خيره بين أن يقبل منه أو من غيره ثم اختار هو أنه يلزمه الاجتهاد فى أعيان المفتين ويلزمه الأخذ بفتيا من اختاره باجتهاده قال الشيخ والذى تقتضيه القواعد أن نفصل فنقول اذا أفتاه المفتى نظر فان لم يوجد مفت آخر لزمه الأخذ بفتياه ولا يتوقف ذلك على التزامه لا بالأخذ فى العمل به ولا بغيره ولا يتوقف أيضا على سكون نفسه الى صحته.

وان وجد مفت آخر فان استبان أن الذى أفتاه هو الأعلم الأوثق لزمه ما أفتاه به بناء على الأصح فى تعينه كما سبق وان لم يستبن ذلك لم يلزمه ما أفتاه بمجرد افتائه اذ يجوز له استفتاء غيره وتقليده ولا يعلم اتفاقهما فى الفتوى فان وجد الاتفاق أو حكم به حاكم لزمه حينئذ.

ثم قال (٣): اذا استفتى فأفتى ثم حدثت تلك الواقعة له مرة أخرى فهل يلزمه تجديد السؤال؟ فيه وجهان:

أحدهما يلزمه لاحتمال تغير رأى المفتى.

والثانى لا يلزمه وهو الأصح لأنه قد عرف الحكم الأول والأصل استمرار المفتى عليه، وخصص صاحب الشامل الخلاف بما اذا قلد حيا وقطع فيما اذا كان ذلك خبرا عن ميت بأنه لا يلزمه والصحيح أنه لا يختص فان المفتى على مذهب الميت قد يتغير جوابه على مذهبه.

وفى الاقناع (٤): المفتى: من بين الحكم من غير الزام الحاكم يبينه ويلزم به ثم قال (٥) والعامى اذا استفتى واحدا أخذ بقوله ويلزمه بالتزامه ولو سأل مفتيين فأكثر فاختلفا عليه تخير فان لم يجد الا مفتيا واحدا لزمه قبوله وله العمل بخط‍ المفتى وان لم يسمع الفتوى من لفظه اذا عرف أنه خطه.


(١) انظر مواهب الجليل لشرح مختصر سيدى أبى الضياء خليل وبهامشه التاج والاكليل لمختصر خليل الشهير بالمواق ج‍ ١ ص ١١٧ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) انظر المجموع شرح المهذب لابن شرف النووى ج‍ ١ ص ٥٦ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج‍ ١ ص ٥٧ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٤) انظر الاقناع لشيخ الاسلام المحقق أبى النجا شرف الدين موسى الحجاوى المقدس ج‍ ٤ ص ٣٧١ طبع مطابع المطبعة المصرية بالأزهر.
(٥) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٣٧٥ وما بعدها الطبعة السابقة.