وفى فن دون فن وأنه لا مانع من ذلك فى الأصح من المذهبين لأن منهم من منع من ذلك وقال لا يكمل العالم الاجتهاد الأصغر حتى يكمل الاجتهاد الأكبر وروى ذلك المنصور بالله قال المهدى عليه السلام والصحيح عن المنصور بالله وغيره ما اخترناه من جواز التبعيض ثم لما كان ثم وجه آخر مجوز للانتقال بعد الالتزام عطفنا بذكره على المستثنى الأول فقلنا أو لانكشاف نقصان العالم الأول الذى قد عمل بقوله عن درجة الاجتهاد أو كمال العدالة فان ذلك يجوز الخروج عن تقليده بل يوجبه.
فأما الانتقال عن مذهب المجتهد العدل الى مذهب مجتهد أعلم من الأول أو أفضل منه ففيه تردد يحتمل الجواز لزوال العلة المقتضية تحريم الانتقال الى قول مثله وهى عدم الترجيح لأنه قد حصل الترجيح بالأعلمية والأورعية ويحتمل أن ذلك لا يجوز مع كمال الأول كما لا يجوز للمجتهد العدول الى قول من هو أعلم منه اذا خالف اجتهاده فلم تكن الا علمية مسوغة للانتقال قال عليه السلام أنه يمكن الفرق بأن يقول أن المجتهد عنده أن قول فى ذلك الحكم أصح من قول الأعلم فلم يجز له العدول بخلاف المقلد لدون الأعلم فانه لا يرى ترجيحا الا للأعلم فجاز له الانتقال والله أعلم.
فان فسق (١) المجتهد رفضه من قلده أى ترك تقليده واتباعه فيما تعقب الفسق من اجتهاداته وأقواله لاختلال أحد شرطى التقليد وهى العدالة قال عليه السلام وقلنا فقط اشارة الى أنه لا يرفض تقليده فيما سبق الفسق الا أنه لا ينبغى له الاعتزاء اليه بعد فسقه بل الى موافقيه من العلماء فيما قد قلده فيه فان كان الحكم الذى قلده فيه قبل فسقه مخالفا لما يقوله مجتهد وزمانه جميعا وجب على مقلده أن ينتقل بعد فسقه الى قول الجماعة لأن خلاف هذا المجتهد.
قد ارتفع بفسقه فصار الحكم اجماعيا وان رجع ذلك المجتهد عن اجتهاده الأول فى مسألة الى خلافه فلا حكم له أى لرجوعه اذا رجع فيما قد فعله أو هو المقلد له اذا قد نفذ ولا ثمرة له مستدامة كالحج فانه حكم لا ثمرة له مستدامة أى لا يتكرر فاذا رجع عن اجتهاد فيه قد أداه أو من قلده لم تلزم اعادته بعد الرجوع.
ولا تكرار فيه كالصلاة فيعمل فى المستقبل بالثانى وأما ما لم يفعله من الأحكام التى قد اجتهد فيها حتى رجع عن ذلك الاجتهاد ووقته أى وقت الحكم الذى رجع عن اجتهاده فيه باق نحو أن يرى أن مسافة مقصر ثلاث بعد أن كانت عنده بريدا ولما يصل.
والوقت باق أو قد فعل ذلك الحكم الذى قد رجع عن اجتهاده فيه نحو أن يتوضأ من غير ترتيب ثم يرى وجوب الترتيب.
ولما يفعل المقصود به أى بالضوء فبالثانى أى فيعمل بالاجتهاد الثانى فى الصورتين جميعا فيصل تماما ويعيد الوضوء فأما ما لم يفعله من الأحكام التى قد وجبت ورجع عن اجتهاده الأول فيه وعليه قضاؤه نحو أن يترك صلاة فى سفره حتى خرج وقتها وكان يرى أنه سفر يوجب القصر ثم رجع الى أنه لا يوجبه وأراد القضاء أو رجع عن الاجتهاد فى حكم قد فعله وله ثمرة مستدامة كالطلاق وذلك نحو أن يطلق امرأته ثلاثا من دون تخلل رجعة.
ثم رأى أن الطلاق يتبع الطلاق فخلاف بين العلماء
وهو يرى أن الطلاق لا يتبع الطلاق فراجعها فى الصورتين معا فمنهم من قال:
ان الاجتهاد الأول ليس بمنزلة الحكم فينقضه الاجتهاد الثانى فيقضى تماما ويحرم نكاح المثلثة وهذا أحد قولى المؤيد بالله وقول الحقينى والمهدى وذكره المنصورى بالله فى المهذب القول الثانى أنه بمنزلة الحكم فلا يعمل بالثانى فيقضى قصرا ولا يحرم نكاح المثلثة.
(١) المرجع السابق ج ١ ص ٢١، ٢٢، ٢٣ الطبعة السابقة.