أو كان قد صاحبه فى بعض الطريق وان فارقه فى باقيها والا ضمن كما نصوا كذلك على أنه لا يعد أمينا فى حمل ما تتسارع اليه الأيدى كالطعام بخلاف البز والعروض اذ القول له فيها ثم قال الدسوقى وحاصل فقه المسألة أن المستأجر للأعيان أمين مصدق فى دعواه التلف أو الضياع سواء أكان ما استأجره منها دابة أو ثوبا أو غير ذلك.
أما الأجير ففيه تفصيل فاذا كان المستأجر عليه غير طعام كالعروض والدواب للرعى أو طعاما لا تتسارع اليه الأيدى كالقمح فانه يصدق فى دعواه التلف أو الضياع ما لم يقم دليل على كذبه أما اذا كان المستأجر عليه طعاما تتسارع اليه الأيدى كالسمن والعسل فلا يصدق ويحمل على الخيانة حتى يثبت صدقه بدليل. واذا ما حصل التلف أثناء العمل أو فى أثناء الطريق فى حال الاستئجار على الحمل هل يكون للأجير أجر ما عمل بحسابه أولا أجر له؟ ذكروا أنه اذا ضمن ما تلف كان له الأجر كله على أظهر القولين وعليه اقتصر ابن رشد فى البيان والقول الآخر له بحساب ما عمل أو سار وهو ما ذكر فى التوضيح وفى الشرح الكبير ان الأجير اذا ضمن له من الأجر بحساب ما سار ككل متعد فى المحمولات فان لم يضمن فلا كراء له قال الدسوقى وحاصل القول أن الأجير فى حمل متاع اذا تعدى على المحمول وضمن فان له من الأجر بحساب ما سار أما اذا لم يضمن فلا كراء له قال النباتى وهذا كلام غير صحيح اذا لم يوافق قولا من الأقوال الأربعة التى ذكرها فى المقدمات فى مسألة تلف المحمولات وهى: له الكراء مطلقا ويلزمه حمل مثله من موضع الهلاك سواء هلك بسبب حامله أم بسبب سماوى وهذا هو المشهور عند ابن رشد، الثانى له بحساب ما سار مطلقا الثالث ان هلك بسبب حامله فله بحساب ما سار وان هلك بسبب سماوى فله الكراء كله ويلزمه حمل مثله من محل الهلاك، والرابع مذهب المدونة وهو ان هلك بسبب حامله فلا كراء له وان هلك بسبب سماوى فله الكراء كله ويلزمه حمل مثله والظاهر فى جميع هذه الأقوال أنها فى الحالين حال الضمان وحال عدمه سواء كان المحمول طعاما أو غيره. ولا ضمان على الحراس لدار أو بستان أو طعام أو ثياب أو غيرها لأنهم أمناء الا بالتعدى أو بالتفريط ولا عبرة بالشرط عليهم من الضمان وفى الدسوقى ان ذلك هو أصل المذهب ولكن استحسن بعض المتأخرين تضمينهم نظرا للمصلحة العامة. ولا ضمان على أجير الصانع الذى استأجره لمعونته عمل بحضرته أم لا ما ظهر خيره بأن كان معروفا بالصلاح على الأظهر وفى المدونة يضمن القصار ما أفسده أجيره ولا شئ على الأجير الا أن يتعدى أو يفرط وفى سماع أصبغ من تضمين الصناع فى الغسال يكثر عليه المتاع فيستأجر الأجراء يبعثهم الى البحر بالثياب انهم ضامنون، وفى هذا قال ابن رشد ان هذا لا يخالف ما فى المدونة من أنه لا ضمان على أجير القصار لأنهم لما انقلبوا بالثياب يعملون وغابوا عليها كانوا كالصناع سواء