للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووجه الثانى أنه من أمور الدين وغيره غير مقبول فى الديانات ثم قال ولم يرجح الشارحون أحدهما، وظاهر ما فى التحرير أنه لا يحل استفتاؤه اتفاقا فانه قال: الاتفاق على حل استفتاء من عرف من أهل العلم بالاجتهاد والعدالة أو رآه منتصبا والناس يستفتونه معظمين وعلى امتناعه ان ظن عدم أحدهما فان جهل اجتهاده دون عدالته.

فالمختار منع استفتائه بخلاف المجهول من غيره اذ الاتفاق على المنع وقال صاحب البحر فلا أقل من أن يكون ترجيحا لعدم صلاحيته ولهذا جزم به فى المجمع واختاره فى شرحه.

وقال ابن عابدين: فى حاشيته تعليقا على ما فى التحرير من أنه لا يحل استفتاء الفاسق اتفاقا قال: هذا بناء على ما عليه الأصوليون من ان المفتى هو المجتهد وهو غير المراد هنا بل المراد به هنا المقلد الذى ينقل الحكم من غيره.

وجاء فى الفتاوى الهندية (١): والبحر وفى اشتراط‍ معرفة الحساب لتصحيح مسائله وجهان ويشترط‍ أن يحفظ‍ مذهب امامه ويعرف قواعده وأساليبه وليس للأصولى الماهر وكذا البحاث فى الخلاف من أئمة الفقه وفحول المناظرين أن يفتى فى الفروع الشرعية ومن شرطه أن لا يرمى بالكاغد كما اعتاده بعض الناس لأن فيه اسم الله تعالى وتعظيم اسمه تعالى واجب.

قال فى البحر (٢): وليكن المفتى متنزها عن خوارم المروءة فقيه النفس سليم الذهن حسن التصرف والاستنباط‍ ولو كان المفتى عبدا أو امرأة أو أعمى أو أخرس بالاشارة وليس وهو كالشاهد فى رد فتواه لقرابة وجر نفع ودفع ضرر عداوة فهو كالراوى لا كالشاهد وتقبل فتوى من لا يكفر ولا يفسق ببدعة كشهادته وفى تنقيح المحبوبى أن الاشارة من المفتى الناطق يعمل بها فلا يختص بالأخرس، وفى البحر (٣): للمفتى أن يغلظ‍ للزجر متأولا كما اذا سأله من له عبد عن قتله وخشى أن يقتله جاز أن يقول ان قتلتاك متأولا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، من قتل عبده قتلناه وهذا اذا لم يترتب على اطلاقه مفسدة. وفى الفروق للقرافى (٤): أن المفتى هو المجتهد المطلق وهو الفقيه قال الصيرفى موضوع لمن قام للناس بأمر دينهم وعلم حمل عموم القرآن الكريم وخصوصه وناسخه ومنسوخة وكذلك فى السنن والاستنباط‍ ولم يوضع لمن علم مسألة وأدرك حقيقتها.

وقال ابن السمعانى هو من استكمل فيه ثلاث شرائط‍ الاجتهاد والعدالة والكف عن الترخيص والتساهل، وللمتساهل حالتان:

احداهما: أن يتساهل فى طلب الأدلة وطرق الأحكام ويأخذ ببادئ النظر وأوائل الفكر وهذا مقصر فى حق الاجتهاد ولا يحل له أن يفتى ولا يجوز.

الثانية أن يتساهل فى طلب الرخص وتأول السنة فهذا متجوز فى دينه وهو آثم من الأول وجاء فى الحطاب (٥): قال ابن فرحون من الصفات التى ينبغى أن يتصف بها المفتى أن لا يتساهل فى الفتوى ومن عرف بذلك لم يجز أن يستفتى والتساهل قد يكون بأن لا يتثبت ويسرع بالفتوى أو الحكم قبل استيفاء حقه من النظر


(١) انظر الفتاوى العالمكرية المسماه بالفتاوى الهندية للأوزجندى ج‍ ٣ ص ٣٠٩ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) انظر البحر الرائق شرح كنز الدقاق لابن نجيم ج‍ ٦ ص ٢٨٦ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) انظر الفتاوى الهندية للاوزجندى ج‍ ٦ ص ٢٩٠ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٤) انظر الفروق للقرافى وبهامشه تهذيب الفروق والقواعد السنية فى الأسرار الفقهية للشيخ محمد على ابن المرحوم الشيخ مفتى المالكية ج‍ ٢ ص ١١٦، ١١٧ وما بعدها طبع مطبعة دار احياء الكتب العربية سنة ١٣٤٥ هـ‍ الطبعة الأولى بمصر.
(٥) انظر مواهب الجليل وبهامشه التاج والاكليل للمواق ج‍ ٦ ص ٩١، ٩٢ وما بعدها الطبعة السابقة.