للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه مفسدة لبعض الحاضرين فيخفيه ازالة لذلك وحقيق به أى بالمفتى أن يكثر الدعاء بالحديث الصحيح اللهم رب جبريل وميكائيل واسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة فأنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون.

اهدنى لما اختلفت فيه من الحق باذنك انك تهدى من تشاء الى صراط‍ مستقيم ويقول اذا اشكل عليه شئ يا معلم ابراهيم علمنى.

وجاء فى الاقناع (١): رالمجتهد من يعرف من كتاب الله الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الحقيقة والمجاز والأمر والنهى والمجمل والمبين والمحكم والمتشابه والخاص والعام والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ والمستثنى والمستثنى منه ويعرف من السنة صحيحها من سقيمها وتواترها من آحادها ومرسلها ومتصلها وسندها ومنقطعها.

مماله تعلق بالأحكام خاصة ويعرف ما أجمع عليه مما اختلف فيه، والقياس وحدوده وشروطه وكيفية استنباطه والعربية المتناولة بالحجاز والشام والعراق وما يواليها فمن عرف ذلك أو أكثره ورزق فهما صلح للفتيا والقضاء.

وفى الأحكام (٢): المنتصبون لطلب الفقه وهم النافرون للتفقه الحاملون لفرض النفار عن جماعتهم المتأهبون لنذارة قومهم ولتعليم المتعلم وفتيا المستفتى وربما للحكم بين الناس ففرض عليهم تقصى علوم الديانة على حسب طاقتهم من أحكام القرآن الكريم وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ورتب النقل وصفات النقلة ومعرفة السند الصحيح مما عداه من مرسل وضعيف، هذا فرضه اللازم له، فان زاد الى ذلك معرفة الاجماع والاختلاف ومن أين قال كل قائل وكيف يرد أقاويل المختلفين المتنازعين الى الكتاب الكريم والسنة فحسن، وفرض عليه تعلم كيفية البراهين التى يتميز بها الحق من الباطل وكيف يعمل فيما ظاهره التعارض من النصوص وكل هذا منصوص فى القرآن الكريم.

قال الله تبارك وتعالى «وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ٣»}.

فهذا ايجاب لتعلم أحكام القرآن الكريم وأحكام أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن هذين أصل الدين وقال الله تبارك وتعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ» (٤) فوجب بذلك تعرف عدول النقلة من فساقهم وفقهائهم ممن لم يتفقه منهم.

ثم قال: وفرض عليه أن يستعين على ذلك من سائر العلوم بما تقتضيه حاجته اليه فى فهم كلام ربه تبارك وتعالى وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الله عز وجل «وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٥»}.

ففرض على الفقيه أن يكون عالما بلسان العرب ليفهم عن الله عز وجل وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكون عالما بالنحو الذى هو ترتيب كلام العرب لكلامهم الذى به نزل القرآن وبه يفهم معانى الكلام التى يعبر عنها باختلاف الحركات وبناء الألفاظ‍ فمن جهل اللغة وهى الألفاظ‍ الواقعة على المسميات وجهل النحو


(١) انظر الاقناع فى فقه الامام أحمد بن حنبل لأبى النجا شرف الدين موسى الحجاوى المقدسى ج‍ ٤ ص ٣٦٩، ٣٧٠ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) الإحكام فى أصول الإحكام لأبن حزم الظاهرى ج‍ ٥ ص ١٢٤ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) الآية رقم ١٢٢ من سورة التوبة
(٤) الآية رقم ٦ من سورة الحجرات
(٥) الآية رقم ٤ من سورة ابراهيم