للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم والأئمة ويعرف الصحيح منها والحسن والموثوق والضعيف والموقوف والمرسل والمتواتر والآحاد وغيرها من الاصطلاحات التى دونت فى رواية الحديث المفتقر اليها فى استنباط‍ الأحكام وهى أمور اصطلاحية توقيفية لا مباحث علمية ويدخل فى أصول الفقه معرفة أحوالها عند التعارض وكثير من أحكامها ومن الاجماع والخلاف ان يعرف أن ما يفتى به لا يخالف الاجماع.

أما بوجود موافق بين المتقمين أو بغلبة ظنه على انه واقعة متجددة لم يبحث عنها السابقون بحيث جعل فيها أحد الأمرين لا معرفة كل مسألة أجمعوا عليها واختلفوا ودلالة العقل من الاستصحاب والبراءة الأصلية وغيرهما داخلة فى الأصول وكذا معرفة ما يحتج به من القياس بل يشتمل كثير من مختصرات أصول الفقه كالتهذيب ومختصر الأصول لابن الحاجب على ما يحتاج اليه من شرائط‍ الدليل المدونة فى علم الميزان وكثير من كتب النحو على ما يحتاج اليه من التعريف نعم يشترط‍ مع ذلك كله أن يكون له قوة يتمكن بها من رد الفروع الى أصولها واستنباطها منها وهذه هى العمدة فى هذا الباب والا فتحصيل تلك المقدمات قد صارت فى زماننا سهلة لكثرة ما حققه العلماء والفقهاء فيها وفى بيان استعمالها وانما تلك القوة بيد الله سبحانه وتعالى يؤتيها من يشاء من عباده على وفق حكمته ومراده ولكثرة المجاهدة والممارسة لأهلها مدخل عظيم فى تحصيلها قال الله تبارك وتعالى «وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ١»}.

وفى شرح النيل (٢): انه يكره للقاضى أن يفتى فى الأحكام اذا سئل عنها وكان شريح يقول انما أقضى ولا أفتى ثم قال وان أفتى فى أمور الدين جاز وعن عمر رضى الله تعالى عنه أنه كتب الى شريح لا تسارر أحدا فى مجلسك ولا تبع ولا تبتع ولا تفت فى مسألة من الأحكام ولا تضر ولا تضار.

وقال العاصى: ومنع الافتاء للحكام فى كل ما يرجع للخصام وزعم بعضهم أنه يجوز كالخلفاء الأربعة قلت لا يصح عنهم وأجيز الافتاء فى مسألة عامة لا فى خصومة معينة، وجاء فى موضع آخر (٣): والقاضى لا يكون حجة فى فتواه ولا غيرها الا أن اطمأنت النفس أن ما أفتى به قد أخذه من لسان من يعرف ذلك وقرأه عليه فى كتاب وكان ورعا غير طاعن فى العلماء فانه يجوز أن يؤخذ بفتواه اذا أفتى بها فى صلاة أو صوم أو نحو ذلك ولا يكون قاضيا.

ثم قال (٤): فى شرح النيل: وجائز للامام أن يجعل للمفتى النفقة والكسوة وما يصلح له ولعياله من بيت المال وما يحتاج اليه ليتفرغ لأمور المسلمين وينبغى له أن يتنزه عن ذلك وان قبضه فليقتر فيه وان وسع أو أخذ ليتجر به أو ليتسع به ماله جاز له ربحه، ويعطى نفقة شهر أو سنة أو ما رؤى من ذلك وان تلف أعطوه وان لم يفرغ للوقت زادوا ان رأوا أو تركوه حتى يفرغ وان فرغ قبل الوقت أعطوه وان خرج من الحكومة لم يلزمه رد ما بيده وكذا ان مات فلوارثه امساكه وان خرج أو مات وكل من يعين لأمور المسلمين بحسب تعينهم فى ذلك وليس ذلك شرطا بل يدخلون فى ذلك كله ويجعل لهم الامام أو الجماعة ذلك يقدر لهم ما يحتاجون اليه لئلا يشتغلون عن أمور المسلمين بتجر وغيره وان لم يكن بيت المال جعل المسلمون ذلك لهم من مالهم والا قالوا بالأمور طاقتهم ويكسب قوتهم.

وجاء فى طلعة الشمس (٥) انهم اشترطوا فى المجتهد شروطا لا يكون مجتهدا الا بكمالها لأن اجتهاد العلماء فى القضايا الشرعية متوقف على أمور لا بد من حصولها عند العالم المجتهد فمن لم تحصل معه تلك الشروط‍ فلا يحل له القول فى الأحكام الشرعية عن نظر نفسه بل يقلد غيره فى ذلك وذلك حكم الله تبارك وتعالى لقول الله تبارك وتعالى «وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ٦» فمن شروط‍ المجتهد أن يكون عالما بالنحو والمراد أن يكون عارفا بأحكام أواخر الكلمات بناءا واعرابا والمراد بالكلمات التى اشترطنا معرفتها هنا هى الكلمات التى تكون موجودة فى الأدلة


(١) الآية رقم ٦٦ من سورة العنكبوت.
(٢) انظر شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج‍ ٦ ص ٥٥٨ وما بعدها طبع مطبعة محمد بن يوسف البارونى وشركاه بمصر سنة ١٣٤٣ هـ‍.
(٣) انظر لابن يوسف أطفيش ج‍ ٦ ص ٤٣٢ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٤) انظر كتاب شرح النيل وشفاء العليل لابن يوسف اطفيش ج‍ ٦ ص ٥٦٢ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٥) انظر كتاب طلعة الشمس على الألفية المسماه بشمس الأصول لأبى حميد السالمى ج‍ ٢ ص ٢٧٥ وما بعدها طبع مطبعة الموسوعات بباب الخلق بمصر سنة ١٣١٧ هـ‍.
(٦) الآية رقم ٧ من سورة الأنبياء.