للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول ثم حلق ثانيا فعليه للثانى كفارة أيضا.

وكذلك الحكم فيما إذا لبس ثم لبس أو تطيب ثم تطيب أو كرر من محظورات الإحرام اللاتى لا يزيد الواجب فيها بزيادتها ولا يتقدر بقدرها.

فأما ما يتقدر الواجب بقدره وهو اتلاف الصيد ففى كل واحد منها جزاؤه، وسواء فعله مجتمعا أو متفرقا ولا تداخل فيه ففعل المحظورات متفرقا كفعلها مجتمعة فى الفدية ما لم يكفر عن الأول قبل فعل الثانى.

وروى عن أحمد أنه إن كرره لأسباب مثل أن لبس للبرد ثم لبس للحر ثم لبس للمرض فكفارات. وإن كان لسبب واحد فكفارة واحدة.

وقد روى عنه الأثرم فيمن لبس قميصا وجبة وعمامة وغير ذلك لعلة واحدة، قلت له: فإن اعتل فلبس جبة ثم برأ ثم اعتل فلبس جبة فقال:

هذا الآن عليه كفارتان.

والدليل على القول الأول أن ما يتداخل إذا كان بعضه عقيب بعض يجب أن يتداخل وإن تفرق كالحدود وكفارة الأيمان وان الله تعالى أوجب فى حلق الرأس فدية واحدة ولم يفرق بين ما وقع فى دفعة واحدة أو فى دفعات.

والقول بأنه لا يتداخل غير صحيح فإنه إذا حلق رأسه لا يمكن إلا شيئا بعد شئ.

فأما جزاء الصيد (١) فلا يتداخل ويجب فى كل صيد جزاؤه سواء وقع متفرقا أو فى حال واحدة

وعن أحمد يتداخل قياسا على سائر المحظورات ولا يصح، لأن الله تبارك وتعالى قال: «فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ» (٢). ومثل الصيدين لا يكون أحدهما، ولأنه لو قتل صيدين دفعة واحدة وجب جزاؤهما فإذا تفرقا أولى أن يجب لأن حالة التفريق لا تنقص عن حالة الاجتماع كسائر المحظورات.

وإذا (٣) حلق المحرم رأس حلال أو قلم أظفاره فلا فدية عليه، لأنه شعر مباح الإتلاف فلم يجب بإتلافه شئ كشعر بهيمة الأنعام.

وإن حلق محرم رأس محرم بإذنه فالفدية على من حلق رأسه وكذلك إن حلقه حلال بإذنه لأن الله تعالى قال: «وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ» (٤).

وقد علم أن غيره هو الذى يحلقه فأضاف الفعل إليه وجعل الفدية عليه.

وإن حلقه مكرها أو نائما فلا فدية على المحلوق رأسه لأنه لم يحلق بإذنه فأشبه ما لو انقطع الشعر بنفسه إذا ثبت هذا فإن الفدية على الحالق حراما كان أو حلالا، لأنه أزال ما منع من إزالته لأجل الإحرام فكانت عليه فديته كالمحرم يحلق رأس نفسه.

وإذا قلع جلدة عليها شعر فلا فدية عليه، لأنه زال تابعا لغيره والتابع لا يضمن كما لو قلع أشفار


(١) المغنى لابن قدامه المقدسى ومعه الشرح الكبير عليه ج ٣ ص ٥٢٤ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ٩٥ من سورة المائدة.
(٣) المغنى لابن قدامه المقدسى والشرح الكبير عليه ج ٣ ص ٥٢٤ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٤) الآية رقم ١٩٦ من سورة البقرة.