للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على إدراك الهدى والحج معا توجه وجوبا.

وإن لم يقدر عليهما لا يلزمه ولا إحصار بعد ما وقف بعرفة لأمن الفوات والممنوع لو بمكة عن الركنين محصر على الأصح.

ومنها: أنه إذا (١) مات الرجل فأوصى بأن يحج عنه فعلى الوصى أن يحج بماله. ولو قرن مع الحج عمرة كان مخالفا ضامنا للنفقة عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى.

وعندهما لا يصير مخالفا استحسانا، لأنه أتى بالمأمور به، وزاد عليه ما يجانسه فلا يصير به مخالفا. كالوكيل بالبيع إذا باع بأكثر مما سمى له من جنسه. ذلك أن القران أفضل من الإفراد فهو بالقران زاد للميت خيرا فلا يكون مخالفا.

وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول: هو مأمور بإنفاق المال فى سفر مجرد للحج وسفره هذا ما تفرد للحج بل للحج والعمرة جميعا، فكان مخالفا، كما لو تمتع، ولأن العمرة التى زادها لا تقع عن الميت، لأنه لم يأمره بذلك، ولا ولاية عليه للحاج فى أداء النسك عنه إلا بقدر ما أمره.

ألا ترى أنه لو لم يأمره بشئ لم يجز أداؤه عنه.

فكذلك إذا لم يأمره بالعمرة.

فإذا لم تكن عمرته عن الميت صار كأنه نوى العمرة عن نفسه. وهناك يصير مخالفا، فكذا هنا.

إلا أنه ذكر ابن سماعة عن أبى يوسف رحمهما الله تعالى أنه وإن نوى العمرة عن نفسه لا يصير مخالفا، ولكن يرد من النفقة بقدر حصة العمرة التى أداها عن نفسه. وذهب فى ذلك إلى أنه مأمور بتحصيل الحج للميت بجميع النفقة. فإذا ضم إليه عمرة نفسه فقد حصل الحج للميت ببعض النفقة وبهذا لا يكون مخالفا.

ومنها: من أهل بحجة (٢) ففاته فإنه يحل بعمرة وعليه الحج من قابل. بلغنا ذلك عن النبى صلى الله عليه وسلم وعن عمر وزيد بن ثابت رضى الله تعالى عنهما.

والمراد بالحديث المرفوع ما رواه ابن عباس وابن عمر رضى الله تعالى عنهم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من أدرك عرفة بليل فقد أدرك الحج ومن فاته عرفة بليل فقد فاته الحج وليتحلل بالعمرة وعليه الحج من قابل.

وأما حديث عمر وزيد بن ثابت رضى الله تعالى عنهم ما رواه الأسود قال: سمعت عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه يقول من فاته الحج تحلل بعمرة وعليه الحج من قابل: ثم لقيت زيد بن ثابت رضى الله تعالى عنه بعد ذلك بثلاثين سنة فسمعته يقول مثل ذلك وكان المعنى فيه أن الإحرام بعد ما انعقد صحيحا فطريق الخروج عنه أداء أحد النسكين، أما الحج أو العمرة كمن أحرم إحراما بهما، وهنا


(١) كتاب المبسوط‍ لشمس الدين السرخسى ج ٤ ص ١٥٤، ١٥٥ وما بعدها الطبعة السابقة وحاشية ابن عابدين للشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين المسماة رد المختار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ج ٢ ص ٣٢٩ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) المبسوط‍ لشمس الدين السرخسى ج ٤ ص ١٧٤ وما بعدها الطبعة السابقة.