للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعذر عليه الخروج عنه بالحج حين فاته الحج فعليه الخروج بعمل العمرة.

ثم إن عند أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى أصل إحرامه باق بالحج ويتحلل بعمل العمرة.

وعند أبى يوسف رحمه الله تعالى يصير إحرامه إحرام عمرة.

وعند زفر رحمه الله تعالى ما يؤديه من الطواف والسعى بقايا أعمال الحج، لأنه بالإحرام بالحج التزم أداء أفعال يفوت بعضها بمضى الوقت، ولا يفوته البعض فيسقط‍ عنه ما يفوت بمضى المدة، ويلزمه ما لا يفوت وهو الطواف والسعى.

وأبى حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى قالا:

الطواف والسعى للحج إنما يتحلل بهما من الإحرام بعد الوقوف فأما قبل الوقوف فلا، وحاجته إلى التحلل هنا قبل الوقوف فإنما يأتى بطواف وسعى يتحلل بهما من الإحرام، وذلك طواف العمرة.

ولهذا قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يصير أصل إحرامه للعمرة ضرورة، لأن التحلل بطواف العمرة إنما يكون بإحرام العمرة.

وأبى حنيفة ومحمد رحمهما الله قالا: لا يمكن جعل إحرامه للعمرة إلا بفسخ إحرام الحج الذى كان شرع فيه، ولا طريق لنا إلى ذلك.

والدليل عليه أن المكى إذا فاته الحج يتحلل بعمل العمرة من غير أن يخرج من الحرم، ولو انقلب إحرامه للعمرة لكان يلزمه الخروج إلى الحرم، لأنه ميقات إحرام العمرة فى حق للكى.

ثم قال فى المبسوط‍ (١) ولو فاته الحج فمكث حراما حتى دخلت أشهر الحج من قابل فتحلل بعمل العمرة ثم حج من عامه ذلك لم يكن متمتعا. وهذا يدل على أن إحرامه لم ينقلب إحرام عمرة.

فإنه لو انقلب إحرام عمرة كان متمتعا. كمن أحرم للعمرة فى رمضان فطاف لها فى شوال.

ولكنه بعمل العمرة يتحلل من إحرام الحج فى شوال وليس هذا صورة المتمتع.

ومن أهل بحجة (٢) فجامع فيها ثم قدم وقد فاته الحج فعليه دم لجماعه ويحل بالطواف والسعى، لأن الفاسد معتبر بالصحيح، فكما أن التحلل بالإحرام الصحيح بعد الفوات يكون بالطواف والسعى فكذلك عن الإحرام الفاسد.

ولو كان أصاب فى حجه صيدا فعليه الكفارة، لأن إحرامه بعد الفساد باق فيجب بارتكاب المحظور ما يلزمه بارتكابه فى الإحرام الصحيح.

وهذا الذى أفسد الحج إنما يقطع التلبية بعد الفوات حين يأخذ فى الطواف. ألا ترى أنه لو لم يفته كان أوان قطع التلبية فى حقه حين يرمى جمرة العقبة اعتبارا بمن صح حجه فكذلك بعد الفوات.


(١) كتاب المبسوط‍ لشمس الدين السرخسى ج ٤ ص ١٧٦ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق لشمس الدين السرخسى ج ٤ ص ١٧٦ وما بعدها الطبعة السابقة.