للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه وسلم قال من جمع بين الحج والعمرة كفاه لهما طواف واحد وسعى واحد. ولأنه يدخل فيهما بتلبية واحدة ويخرج منهما بحلاق واحد، فوجب أن يطوف لهما طوافا واحدا، ويسعى لهما سعيا واحدا كالمفرد بالحج.

وفى نهاية المحتاج (١): أن الحاج لو كان يكسب فى سفره ما يفى بزاده أى بمؤنته وسفره طويل مرحلتان فأكثر لم يكلف الحج وإن كان يكسب فى يوم كفاية أيام، لاحتمال انقطاع كسبه لعارض مرض ونحوه.

وعلى تقدير عدم انقطاعه فالجمع بين تعب السفر والكسب فيه مشقة عظيمة.

وإن قصر السفر كأن كان بمكة أو على دون مرحلتين وهو يكسب فى يوم كفاية أيام، أى أيام الحج، كلف الحج، بأن يخرج له حينئذ لاستغنائه بكسبه بخلاف ما إذا كان يكسب كفاية يوم بيوم لانقطاعه عن الكسب أيام الحج.

وبحث الأذرعى أخذا من التعليل السابق: أنه لا بد أن يتيسر له الكسب فى أول يوم من خروجه.

والإسنوى: أنه لو كان يقدر فى الحضر على أن يكسب فى يوم ما يكفيه له وللحج لزمه إن قصر السفر، لأنهم إذا ألزموه به فى السفر ففى الحضر أولى.

واستنبط‍ الأسنوى من التعليل بإنقطاعه عن الكسب أيام الحج أنها من خروج الناس غالبا، وهو من أول الثامن إلى آخر الثالث عشر.

وهذا فى حق من لم ينفر النفر الأول.

وما ادعاه فى الإسعاد من كون تقديرها بثلاثة أيام كما قاله ابن النقيب رحمه الله تعالى أقرب، لأن تحصيل أعمال الحج تمتعا وإفرادا ممكن فى ثلاثة أيام. والمراد بالأعمال الأركان ورمى جمرة العقبة لأن له مدخلا فى التحلل من الحج.

والقارن يمكنه تحصيل أعمالهما فى يوم عرفة ويوم النحر فيه نظر. والأقرب ما قاله الإسنوى رحمه الله تعالى.

ثم قال (٢): ولو علق المحرم إحرامه على إحرام زيد فى المستقبل كإذا أو متى أو إن أحرم زيد فأنا محرم لم ينعقد إحرامه مطلقا كإذا جاء رأس الشهر فأنا محرم، لأن العبادة لا تتعلق بالإخطار، أو إن كان زيد محرما فأنا محرم أو فقد أحرمت وكان زيد محرما انعقد إحرامه، وإلا فلا، لأن المعلق بحاضر أقل غررا لوجوده فى الواقع فكان قريبا من أحرمت كإحرام زيد فى الجملة، بخلاف المعلق بمستقبل.

فإن تعذر أى تعسر كما فى الحاوى الصغير لأنه يعبر عن التعسر بالتعذر كثيرا.

نعم يمكن حمل التعذر على ظاهره بما إذا كان يرجو اتضاح الحال فيمتنع عليه نية الإفراد، لأنه


(١) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج لأبى شهاب الدين الرملى المعروف بالشافعى الصغير فى كتابه مع حاشية الشيراملسى عليه وبهامشه حاشية الشيخ عبد الرازق الرشيدى المغربى ج ٣ ص ٢٣٥، ص ٢٣٦ وما بعدها طبع مطبعة مصطفى البابى الحلبى وشركاه بمصر سنة ١٣٥٧ هـ‍
(٢) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج لشمس الدين ابن شهاب الرملى وحاشية الشيراملسى عليه ج ٣ ص ٢٥٨، ص ٢٥٩ وما بعدها الطبعة السابقة.