للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما تخصيص النخل بما ذكرنا فلأن النص لم يرد إلا فيها فقط‍ مع وجود الآبار، وأما بعد ظهور الطيب فى ثمرة النخل (١) فإنه يجوز فيها الاشتراط‍ إن بيعت الأصول ويجوز فيها البيع مع الأصول ودونها، أما الاشتراط‍ فلوقوع الصفة عليها وهى قول النبى صلى الله عليه وسلم: قد أبرت فهذه ثمرة قد أبرت وأما جواز بيعها مع الأصول ودونها فلإباحة رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعها إذا أزهت.

ومن باع (٢) أصول نخل وفيها ثمرة قد أبرت فللمشترى أن يشترط‍ جميعها إن شاء أو نصفها أو ثلثها أو جزءا، كذلك مسمى مشاعا فى جميعها أو شيئا منها معينا فإن وجد بالنخل عيبا ردها ولم يلزمه رد الثمرة لأن بعض الثمرة ثمرة وقوله صلى الله عليه وسلم: وفيها ثمرة قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع، يقع على كل ما كان منها ما يسمى ثمرة للنخل، والاشتراط‍ غير البيع فلا يرد ما اشترط‍ من أجل رده لما اشترى إذ لم يوجب ذلك نص قرآن ولا سنة، فلو اشترى ثمرة النخل بعد ظهور الطيب أو ثمر أشجار غير النخل ثم وجد بالأصول عيبا فردها أو وجد بالثمرة عيبا فردها.

فإن كان اشترى الثمرة مع الأصول صفقة واحدة رد الجميع ولا بد، أو أمسك الجميع ولا بد، لأنها صفقة واحدة فلو كان اشترى الثمرة فى صفقة أخرى لم يردها إن رد الأصول بعيب، ولا يرد الأصول إلا إن رد الثمرة بعيب، فلو اشترى الأصول من النخل واشترط‍ - الثمرة أو بعضها فوجد البيع فاسدا فوجب رده ورد الثمرة ولا بد، وضمنها إن كان أتلفها أو تلفت لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبح الاشتراط‍ إلا للمبتاع، ولا يكون مبتاعا إلا من قد صح بيعه،

وأما من لم يصح بيعه فليس هو الذى جعل له النبى صلى الله عليه وسلم اشتراط‍ الثمرة فإذا ليس هو ذلك فحرام عليه ما اشترطه بخلاف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متعد، وقد قال الله تعالى: «فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ»}.

ثم قال ابن حزم: ومن باع نخلة أو نخلتين وفيها ثمر قد أبر لم يجز للمبتاع اشتراط‍ ثمرتها أصلا ولا يجوز ذلك إلا فى ثلاثة فصاعدا، ومن باع حصة له مشاعة فى نخل فإن كان يقع له فى حصته منها لو قسمت ثلاث نخلات فصاعدا جاز للمبتاع اشتراط‍ الثمرة وإلا فلا.

والثمرة فى كل ما قلنا للبائع ولا بد، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع، فلم يحكم عليه السلام بذلك إلا فى نخل وأقل ما يقع عليه اسم نخل ثلاث فصاعدا لأن لفظ‍


(١) التأبير فى النخل هو أن يشقق الطلع ويذر فيه دقيق الفحال وفحال النخل هو ما كان من ذكوره فحلا لاناثه المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج ٨ ص ٤٣٤ وما بعدها. الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق لأبى سعيد بن حزم الظاهرى الاندلس ج ٨ ص ٤٠٨ وما بعدها الطبعة السابقة.