للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التثنية الواقع على اثنين معروف فى اللغة التى بها نزل القرآن وخاطبنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول لفظ‍ الجمع إنما يقع على الثلاث فصاعدا.

ولا يحل (١) بيع شئ غير معين من جملة مجتمعة، لا بعدد ولا بوزن ولا بكيل، كمن باع رطلا أو قفيزا أو صاعا. أو مديا (٢) أو أوقية من هذه الجملة من التمر أو البر أو اللحم أو الدقيق أو كل مكيل فى العالم أو موزون كذلك، وكمن باع ثلاثة من هذه البيض أو أربعة أو أى عدد كان أو من كل ما يعد، أو كمن باع ذراعا أو ذراعين أو نحو ذلك من كل ما يذرع سواء استوت أبعاض كل ذلك أو لم تستو. وإنما تجب أولا المساواة.

فإذا تراضيا كال أو وزن أو عد أو ذرع فإذا ذلك تعاقد البيع حينئذ على تلك العين المكيلة أو الموزونة أو المذروعة أو المعدودة ثم بقى التخيير من أحدهما للآخر فيمضى أو يرد أو يتفرقا بأبدانهما بزوال أحدهما عن الآخر، فلو تعاقد البيع قبل ما ذكرنا من الكيل أو الوزن أو العد أو الذرع لم يكن بيعا وليس بشئ.

وبرهان صحة قولنا قول الله تعالى: «لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ» (٣). فحرم الله أخذ المرء مال غيره بغير تراض منهما وسماه باطلا وبضرورة الحس يدرى كل أحد أن التراضى لا يمكن البتة إلا فى معلوم متميز.

وكيف إن قال البائع أعطيك من هذه الجهة.

وقال المشترى بل من هذه الأخرى كيف العمل؟

ومن جعل أحدهما بالإجبار على ما يكره من ذلك أولى من الآخر وهذا ظلم لإخفاء به.

وكذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، ولا غرر أكثر من ألا يدرى البائع أى شئ هو الذى باع ولا يدرى المشترى أى شئ اشترى وهذا حرام بلا شك.

وقال ابن حزم فى موضع آخر (٤): ولا يحل بيع المرء جملة مجموعة إلا كيلا مسمى منها أو إلا وزنا مسمى منها أو إلا عددا مسمى منها أى شئ كان، وكذلك لا يحل أن يبيع هذا الثوب أو هذه الخشبة إلا ذرعا مسمى منها وكذلك لا يحل بيع الثمرة بعد طيبها واستثناء مكيلة مسماة منها أو وزن مسمى منها أو عدد مسمى منها أصلا قل ذلك أو كثر.

وكذلك لا يحل بيع نخل من أصولها أو ثمرتها على أن يستثنى منها نخلة بغير عينها لكن يختارها المشترى هذا كله حرام مفسوخ أبدا محكوم فيما قبض منه كله بحكم الغصب وإنما الحلال فى ذلك أن يستثنى من الجملة إن شاء أى جملة كانت حيوانا أو غيره أو من الثمرة نصف كل ذلك مشاعا أو ثلث كل ذلك مشاعا أو ثلثى كل ذلك أو أكثر أو أقل جزءا مسمى منسوبا مشاعا فى الجميع أو يبيع جزءا


(١) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٨ ص ٤٢٩ وما بعدها مسألة رقم ١٤٥٨ طبع بإدارة الطباعة المنيرية سنة ١٣٥٠ هـ‍ الطبعة الأولى.
(٢) المرجع السابق ج ٨ ص ٤٢٩، ص ٤٣٠ مسألة رقم ١٤٥٨
(٣) الآية رقم ١٨٨ سورة البقرة.
(٤) المحلى ج ٨، ص ٤٣١ مسألة رقم ١٤٥٩