صار من كلام الناس لأنه خاطبهم به وكلام الناس مفسد.
ومنها القهقهة عامدا كان أو ناسيا لأن القهقهة فى الصلاة أفحش من الكلام ألا ترى أنها تنقض الوضوء والكلام لا ينقض ثم لما جعل الكلام قاطعا للصلاة ولم يفصل فيه بين العمد والسهو فالقهقهة أولى ومنها الخروج من المسجد من غير عذر لأن استقبال القبلة حال الاختيار شرط جواز الصلاة هذا كله من الحدث العمد والكلام والسّلام والقهقهة والخروج من المسجد اذا فعل شيئا من ذلك قبل أن يقعد قدر التشهد الأخير فأما اذا قعد قدر التشهد ثم فعل شيئا من ذلك فقد أجمع أصحابنا على أنه لو تكلم أو خرج من المسجد لا تفسد صلاته سواء كان منفردا أو اماما خلفه لاحقون أو مسبوقون وسواء أدرك اللاحقون الامام فى صلاته وصلوا معه أو لم يدركوا وكذلك لو قهقه أو أحدث متعمدا وهو منفرد وان كان اماما خلفه لاحقون أو مسبوقون فصلاة الامام تامة بلا خلاف بين أصحابنا وصلاة المسبوقين تامة.
فى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وفاسدة فى قول أبى حنيفة وجه قولهما أن القهقهة والحدث لم يفسدا صلاة الامام فلا يفسدان صلاة المقتدى وان كان مسبوقا لأن صلاة المقتدى لو فسدت انما تفسد بافساد الامام صلاته لا بافساد المقتدى لانعدام المفسد من المقتدى فلما لم تفسد صلاة الامام مع وجود المفسد من جهته فلأن لا تفسد صلاة المقتدى أولى وصار كما لو تكلم أو خرج من المسجد.
وفى قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى تفسد للفرق بين الحدث العمد والقهقهة وبين الكلام والخروج من المسجد والفرق ان حدث الامام افساد للجزء الذى لاقاه من صلاته فيفسد ذلك الجزء من صلاته ويفسد من صلاة المسبوق الا أن الامام لم يبق عليه فرض فيقتصر الفساد فى حقه على الجزء وقد بقى للمسبوق فروض فتمنعه من البناء فأما الكلام فقطع للصلاة ومضاد لها كما ذكرنا فيمنع من الوجود ولا تفسد وشرح هذا الكلام أن القهقهة والحدث العمد ليسا بمضادين للصلاة بل هما مضادان للطهارة والطهارة شرط أهلية الصلاة فصار الحدث مضاد للأهلية بواسطة مضادته شرطها والشئ ينعدم بما لا يضاده.
فلم تنعدم الصلاة بوجود الحدث لأنه لا مضادة بينهما وانما تنعدم الأهلية فيوجد جزء من الصلاة لانعدام ما يضاده ويفسد هذا الجزء لحصوله ممن ليس بأهل ولا صحة للفعل الصادر من غير الأهل واذا فسد هذا الجزء من صلاة الامام فسدت صلاة المقتدى لأن صلاته مبنية على صلاة الامام فتتعلق بها صحة وفسادا لأن الجزء لما فسد من صلاة الامام فسدت التحريمة المقارنة لهذا الفعل الفاسد لأنها شرعت لأجل الأفعال فتتصف بما تتصف الأفعال صحة وفسادا فاذا فسدت هى فسدت تحريمة المقتدى فتفسد صلاته الا أن صلاة الامام ومن تابعه من المدركين اتصف بالتمام بدون الجزء الفاسد فأما المسبوق فقد فسد جزء من صلاته وفسدت التحريمة المقارنة لذلك الجزء فبعد ذلك لا يعود الا بالتحريمة ولم يوجد فلم يتصور حصول ما بقى من الأركان فى حق المسبوق فتفسد صلاته بخلاف الكلام فأنه ليس بمضاد لأهلية أداء الصلاة بل هو مضاد للصلاة نفسها ووجود الضد لا يفسد الضد الآخر بل يمنعه من الوجود فان أفعال الصلاة كانت توجد على التجدد والتكرار فاذا انعدم فعل يعقبه غيره من جنسه فاذا تعقبه ما هو مضاد للصلاة لا يتصور حصول جزء منها مقارنا للضد بل يبقى على العدم على ما هو الأصل عندنا فى المتضادات وانتهت أفعال الصلاة فلم تتجدد التحريمة لأن تجددها كان لتجدد الأفعال وقد انتهت فانتهت هى أيضا وما فسدت وبانتهاء تحريمة الامام لا تنته تحريمة المسبوق كما لو سلم فان تحريمة الامام منتهية وتحريمة المسبوق غير منتهية لما ذكرنا فلم تفسد صلاة المسبوقين بخلاف ما نحن فيه وأما اللاحقون فانه ينظر ان أدركوا