للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ظن أنه حصل له رعاف فى الصلاة فخرج ليغسله فتبين أنه ليس برعاف وانما هو ماء فأنه لا يبنى على ما مضى من صلاته لأنها بطلت بل يبتدئها وهذا هو المشهور.

ومذهب المدونة قال فى أواخر كتاب الصلاة فى المدونة ومن انصرف من صلاته لحدث أو رعاف ظن أنه أصابه ثم تبين له أنه لا شئ به ابتدأ واذا تعمد الامام قطع صلاته أفسد على من خلفه (١).

وقال اللخمى رحمه الله تعالى فى تبصرته اختلف فبمن ظن أنه رعف أو أحدث فخرج ثم تبين أنه لم يصبه ذلك هل يبنى؟ وان كان اماما هل تفسد صلاتهم.

قال مالك رحمه الله تعالى: يبتدئ ولا يبنى وظاهر قول ابن القاسم رحمه الله تعالى:

انه اذا كان اماما لا تفسد عليهم لأنه لم يعتمد.

قال ابن سحنون رحمه الله تعالى فى المجموعة لأنه خرج بما يجوز له ويبتدئ الصلاة خلف الذى استخلف.

وقال فى كتاب ابنه ان بنى أبطل عليهم لأنه لا يستطيع أن يعلم ما خرج من قبل أن يخرج من المحراب الا أن يكون فى ليل مظلم.

وقال ابن عبد الحكم رحمه الله تعالى: يبنى ولا يبطل على من خلفه فهو بمنزلة من ظن أنه سلم فخرج ثم عاد فسلم وهو أقيس لحديث ذى اليدين أنه صلّى الله عليه وسلّم خرج وهو يظن أنه قد أتم وتكلم ثم بنى.

قال صاحب مواهب الجليل: فظهر أن القول ببطلان صلاته المأمومين أرجح لكونه مذهب المدونة.

وقال صاحب الجمع أنه الصحيح.

قال ابن بشير رحمه الله تعالى: ومن ظن بطلان صلاته بتماديه برعاف أو حدث فانصرف ثم تبين له بطلان ظنه أما فى الرعاف اذا لم يتكلم ولم يمش على نجاسة فانه ينتظر فان كان بحيث لا يمكنه التمييز لأنه فى ليل مظلم واجتهد فأخطأ ففى بنائه قولان أحدهما أنه لا يبنى وهو المشهور، والشاذ أنه يبنى.

وأما فى الحدث فان لم يطل فعله بعد الظن كان كالرعاف وان طال فعله أو تكلم عامدا بطلت صلاته لأن هذا انصرف على أن صلاته باطلة والراعف انصرف على أنه يغسل الدم ثم يبنى.

قال الحطاب: الظاهر فى الحدث البطلان مطلقا ولا يظهر للقول بالبناء وجه مطلقا لأن المحدث خرج على اعتقاد البطلان ولا يشبه من ظن أنه سلم لأنه خرج على اعتقاد تمام الصلاة وصحتها. واذا عزم على رفض الصلاة وهم بالوضوء فالظاهر بطلان الصلاة نعم أن تفكر قليلا لما حصل له الشك ثم ذكر أنه متوضئ فهذا يبنى على صلاته.

هذا ومن غلبه القئ فى الصلاة لم تبطل صلاته ويتمادى فيها فان خرج لغسله بطلت صلاته ولو تعمد القئ بطلت صلاته وهذا اذا كان القئ طاهرا ولم يرده بعد انفصاله الى محل يمكن طرحه فان كان القئ نجسا بأن تغير عن هيئة الطعام على المشهور أو قارب أوصاف العذرة على ما اختاره اللخمى وابن رشد رحمهما الله تعالى بطلت الصلاة.

وان كان القئ طاهرا ورده بعد انفصاله الى محل يمكن طرحه ناسيا أو مغلوبا ففى بطلان صلاته قولان وأما أن رده طائعا غير ناسى فلا خلاف فى بطلان صلاته.


(١) المرجع السابق ج‍ ١ ص ٤٩٣، ٤٩٥ نفس الطبعة.