للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيضا وان كان قارئا نوى مفارقته وأثم وحده ولا يصح له اتمام الصلاة خلفه لأن هذا قد صار حكمه حكم الأمى والصحيح أنه اذا لم يقدر على قراءة الفاتحة ان صلاته تفسد لأنه قادر على الصلاة بقراءتها فلم تصح صلاته بدون ذلك لعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) ولا يصح قياس هذا على الأمى لأن الأمى لو قدر على تعلمها قبل خروج الوقت لم تصح صلاته بدونها وهذا يمكنه أن يخرج فيسأل عما وقف عليه ولا يصلى ولا قياسه على أركان الأفعال لأن خروجه من الصلاة لا يزيل عجزه عنها ولا يأمن عود مثل ذلك لعجز بخلاف هذا (١).

والنوع الثانى من الذكر ما لا يتعلق به آدمى الا أنه لسبب من غير الصلاة مثل أن يعطس فيحمد الله أو تلسعه عقرب فيقول بسم أو يسمع أو يرى ما يغمه فيقول ({إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ}) أو يرى عجبا فيقول سبحان الله. فهذا لا يستحب فى الصلاة ولا يبطلها نص عليه أحمد رحمه الله تعالى فى رواية الجماعة فبمن عطس فحمد الله لم تبطل صلاته.

وقال فى رواية مهنا فيمن قيل له وهو يصلى ولذلك غلام فقال الحمد لله أو قيل له احترق دكانك قال لا اله الا الله. أو ذهب كيسك فقال لا حول ولا قوة الا بالله. فقد مضت صلاته ولو قيل له مات أبوك فقال ({إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ}) فلا يعيد صلاته.

وذكر حديث على رضى الله تعالى عنه حين أجاب الخارجى لما روى عامر بن ربيعة رضى الله تعالى عنه قال عطس شاب من الأنصار خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى الصلاة فقال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه حتى يرضى ربنا وبعد ما يرضى من أمر الدنيا والآخرة فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من القائل الكلمة؟ فأنه لم يقل بأسا ما تناهت دون العرش) رواه أبو داود.

وعن على رضى الله تعالى عنه أنه قال له رجل من الخوارج وهو فى صلاة الغداة فناداه ({لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ} (٢) قال فأنصت له حتى فهم ثم أجابه وهو فى الصلاة (فاصبر ان وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون.

احتج به أحمد رحمه الله تعالى ورواه أبو بكر البنجاد باسناده ولا ما لا يبطل الصلاة ابتداء لا يبطلها اذا أتى به عقيب سببه كالتسبيح لتنبيه امامه.

وقد روى عن أحمد رحمه الله تعالى أن صلاته تفسد لأنه كلام آدمى فقد قال فيمن قال له ولذلك فقال الحمد لله رب العالمين أو ذكر مصيبة فقال: {إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ} (٣) قال يعيد الصلاة.

وقال القاضى رحمه الله تعالى هذا محمول على من قصد خطاب آدمى.

قال الخلال رضى الله تعالى عنه اتفق الجميع عن أبى عبد الله على أن العاطس لا يرفع صوته بالحمد وأن يرفع فلا بأس بدليل حديث الأنصارى.

وقال أحمد فى الامام يقول (لا اله الا الله) فيقول من خلفه (لا اله الا الله) يرفعون بها


(١) المرجع السابق ج ١ ص ٧١٢، ص ٧١٣ نفس الطبعة
(٢) الآية رقم ٦٥ من سورة الزمر
(٣) الآية رقم ١٥٦ من سورة البقرة