للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصواتهم قال: يقولون ولكن يخفون ذلك فى أنفسهم وانما لم يكره أحمد رحمه الله تعالى ذلك كما كره القراءة خلف الامام لأنه يسير لا يمنع الانصات فجرى مجرى التأمين قيل لأحمد فان رفعوا أصواتهم بهذا قال أكرهه قيل فينهاهم الامام قال لا ينهاهم.

قال القاضى انما لم ينههم لأنه قد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم الجهر بمثل ذلك فى صلاة الاخفاء فأنه كان يسمعهم الآية أحيانا.

قيل لأحمد رحمه الله تعالى اذا قرئ ({أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى} (١) هل يقول (سبحان ربى الأعلى) قال ان شاء قاله فيما بينه وبين نفسه ولا يجهر به فى المكتوبة وغيرها.

وقد روى عن على رضى الله تعالى عنه أنه قرأ فى الصلاة (سبح اسم ربك الأعلى) فقال سبحان ربى الأعلى.

وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قرأ فى الصلاة أليس فى ذلك بقادر على أن يحيى الموتى فقال سبحانك وبلى).

وعن موسى بن أبى عائشة قال: كان رجل يصلى فوق بيته فكان اذا قرأ (أليس ذلك بقادر على أن يحيى الموتى) قال: بسبحانك قبلى.

فسألوه عن ذلك فقال سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود ولأنه ذكر ورد الشرع به فجاز فى التسبيح فى موضعه.

النوع الثالث: أن يقرأ القرآن يقصد به تنبيه آدمى مثل أن يقول ({اُدْخُلُوها بِسَلامٍ} (٢) يريد الأذن أو يقول لرجل اسمه يحيى (يا يحيى خذ الكتاب بقوة (٣) أو يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا (٤).

فقد روى عن أحمد رحمه الله تعالى أن صلاته تبطل بذلك وهو مذهب أبى حنيفة لأنه خطاب آدمى فأشبه ما لو كلمه. وروى عنه ما يدل على أنها لا تبطل لأنه قال فيمن قيل له مات أبوك فقال ({إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ}) لا يعيد الصلاة.

واحتج بحديث على كرم الله وجهه حين قال للخارجى: ({فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ} (٥).

وروى نحو هذا عن ابن مسعود وابن أبى ليلى.

وروى أبو بكر الخلال باسناده عن عطاء من السائب قال استأذنا على عبد الرحمن بن أبى ليلى وهو يصلى فقال: ({اُدْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ} (٦) فقلنا كيف صنعت فقال استأذنا على عبد الله بن مسعود وهو يصلى فقال أدخلوا مصر ان شاء الله آمنين ولأنه قرأ القرآن فلم تفسد صلاته كما لو يقصد به التنبيه.

وقال القاضى وان قصد التلاوة دون التنبيه لم تفسد صلاته وان قصد التنبيه دون التلاوة فسدت صلاته لأنه خاطب آدميا وان قصدهما جميعا ففيه وجهان.

أحدهما لا تفسد صلاته والثانى تفسد صلاته لأنه خاطب آدميا. أشبه ما لو لم يقصد التلاوة فأما ان أتى ما لا يتميز به القرآن من غيره كقوله لرجل اسمه ابراهيم يا ابراهيم أو لعيسى يا عيسى ونحو ذلك فسدت صلاته لأن هذا كلام الناس ولم يتميز عن كلامهم بما يتميز به القرآن فأشبه ما لو جمع بين كلمات متفرقة فى


(١) الآية رقم ١ من سورة الأعلى
(٢) الآية رقم ٤٦ من سورة الحجر
(٣) الآية رقم ١٢ من سورة مريم
(٤) الآية رقم ٣٢ من سورة هود
(٥) الآية رقم ٦٠ من سورة الروم
(٦) الآية رقم ٩٩ من سورة يوسف