للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد قال مشايخنا أنه يفسد صومها بالاجماع لأن لمسانتها منفذا فيصل الى الجوف كالاقطار فى الاذن ولو طعن برمح فوصل الى جوفه أو الى دماغه فان أخرجه مع النصل لم يفسد وان بقى النصل فيه فسد.

وكذا قالوا فبمن ابتلع لحما مربوطا على خيط‍ ثم انتزعه من ساعته أنه لا يفسد وان تركه فسد.

وكذا روى عن محمد فى الصائم اذا أدخل خشبة فى المقعد أنه لا يفسد صومه الا اذا غاب طرفا الخشبة وهذا يدل على أن استقرار الداخل فى الجوف شرط‍ فساد الصوم ولو أدخل أصبعه فى دبره.

قال بعضهم يفسد صومه وقال بعضهم لا يفسد وهو قول الفقيه أبى الليث لأن الأصبع ليست بآلة الجماع فصارت كالخشب ولو اكتحل الصائم لم يفسد وان وجد طعمه فى حلقه عنه عامة العلماء.

وقال ابن أبى ليلى يفسد وجه قوله أنه لما وجد طعمه فى حلقه فقد وصل الى جوفه ولنا ما روى عن عبد الله بن مسعود أنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان وعيناه مملوأتان كحلا كحلتهما أم سلمة ولأنه لا منفذ من العين الى الجوف ولا الى الدماغ وما وجد من طعمه فذاك أثره لا عينه وأنه لا يفسد كالغبار والدخان. وكذا لو دهن رأسه أو أعضاءه فتشرب فيه أنه يضره لأنه وصل اليه الأثر لا العين (١).

ولو أكل حصاة أو نواه أو خشبا أو حشيشا أو نحو ذلك مما لا يؤكل عادة لا يحصل به قوام البدن يفسد صومه لوجود الأكل صورة ولو جامع امرأته فيما دون الفرج فأنزل وباشرها أو قبلها أو لمسها بشهوة فأنزل يفسد صومه وعليه القضاء ولا كفارة عليه وكذا اذا فعل ذلك فأنزلت المرأة لوجود الجماع من حيث المعنى وهو قضاء الشهوة بفعله وهو المس بخلاف النظر فأنه ليس بجماع أصلا لأنه ليس بقضاء للشهوة بل هو سبب لحصول الشهوة على ما نطق به الحديث اياكم والنظرة فأنها تزرع فى القلب الشهوة.

ولو عالج ذكره فأمنى اختلف المشايخ فيه قال بعضهم لا يفسد وقال بعضهم يفسد.

وهو قول محمد بن سلمة والفقيه أبى الليث لوجود قضاء الشهوة بفعله فكان جماعا من حيث المعنى.

وعن محمد فبمن أولج ذكره فى امرأته قبل الصبح ثم خشى الصبح فانتزع منها فأمنى بعد الصبح أنه لا يفسد صومه وهو بمنزلة الاحتلام ولو جامع بهيمة فأنزل فسد صومه وعليه القضاء ولا كفارة عليه لأنه وان وجد الجماع صورة ومعنى وهو قضاء الشهوة لكن على سبيل القصور لسعة المحل ولو جامعها ولم ينزل لا يفسد ولو حاضت المرأة أو نفست بعد طلوع الفجر فسد صومها لأن الحيض والنفاس منافيان للصوم لمنافاتهما أهلية الصوم شرعا بخلاف القياس باجماع الصحابة رضى الله عنهم على ما بينا فيما تقدم (٢).

هذا ويتعلق بفساد الصوم أحكام بعضها يعم الصيامات كلها وبعضها يخص البعض دون البعض أما الذى يعم الكل فالاثم اذا أفسد بغير عذر لأنه أبطل عمله من غير عذر وابطال العمل من غير عذر حرام لقول الله سبحانه


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكسائى ج ٢ ص ٩٣.
(٢) بدائع الصنائع ج ٢ ص ٩٣، ص ٩٤