للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتعالى «وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ} (١)» وأما صيام التطوع فهو خلاف ذلك. لأنه ليس بموجب واذا خفف الحكم بالعذر فلا بد من معرفة الأعذار المسقطة للاثم والمؤاخذة. وهى المرض والسفر والاكراه والحبل والرضاع والجوع والعطش وكبر السن ولكن بعضها مرخص وبعضها مبيح مطلق بلا موجب.

أما المرض فالمرخص منه هو الذى يخاف أن يزداد بالصوم واليه وقعت الاشارة فى الجامع الصغير فأنه قال فى رجل خاف أن لم يفطر يزداد عيناه وجعا أو حماة شدة أفطر. وذكر الكرخى فى مختصره أن المرض الذى يبيح الافطار هو ما يخاف منه الموت أو زيادة لعلة كائنا ما كانت العلة.

وروى عن أبى حنيفة أنه ان كان بحال يباح له أداء صلاة الفرض قاعدا فلا بأس بأن يفطر والمبيح المطلق بل الموجب هو الذى يخاف منه الهلاك لأن فيه القاء النفس الى التهلكة لا لاقامة حق الله تعالى وهو الوجوب والوجوب لا يبغى فى هذه الحالة وأنه حرام (٢) .. وأما حبل المرأة وارضاعها اذا خافت الضرر بولدها فمرخص لقوله تعالى «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ} (٣). وعلى ذلك فان المريض الذى لا يضره الصوم ليس له أن يفطر فكان ذكر المرض كتابة عن أمر يضر الصوم معه وقد وجد ههنا فتدخل تحت رخصة الافطار.

وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال يفطر المريض والحبلى اذا خافت أن تضع ولدها والمرضع اذا خافت الفساد على ولدها.

وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ان الله وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن الحبلى والمرضع الصيام وعليهما القضاء ولا فدية عليهما عندنا (٤).

وأما المريض فلو جاء وقت الصوم وهو مريض مرضا لا يستطيع معه الصوم أو يستطيع مع ضرر أفطر وقضى هذا ما يعم الصيامات كلها.

وأما الذى يخص البعض دون البعض.

فأما صوم رمضان فيتعلق بفساده حكمان.

أحدهما وجوب القضاء.

والثانى وجوب الكفارة أما وجوب القضاء فأنه يثبت بمطلق الافساد سواء كان صورة ومعنى أو صورة لا معنى أو معنى لا صورة وسواء كان عمدا أو خطأ وسواء كان بعذر أو بغير عذر لأن القضاء يجب جبر الغائب فيستدعى فوات الصوم لا غير والفوات يحصل بمطلق الافساد فتقع الحاجة الى الجبر بالفضاء ليقوم مقام الفائت فينجبر الفوات معنى.

وأما وجوب الكفارة فيتعلق بافساد مخصوص وهو الافطار الكامل بوجود الأكل أو الشرب أو الجماع صورة ومعنى متعمدا من غير عذر مبيح ولا مرخص ولا شبهة الاباحة ونعنى صورة الأكل والشرب ومعناهما ايصال ما يقصد به التغذى أو التداوى الى جوفه من الفم لأن به يحصل قضاء شهوة البطن على سبيل الكمال.

ونعنى بصورة الجماع ومعناه ايلاج الفرج فى القبل لأن كمال قضاء شهوة الفرج لا يحصل الا به ولا خلاف فى وجوب الكفارة على الرجل بالجماع والأصل فيه حديث الأعرابى وهو ما روى أن اعرابيا جاء الى رسول الله صلى


(١) الآية رقم ٣٣ من سورة محمد.
(٢) بدائع الصنائع ٢ ص ٩٤.
(٣) الآية رقم ١٨٤ من سورة البقرة.
(٤) بدائع الصنائع ٢ ص ٩٧.