ومحمد رحمهما الله تعالى صلاة الامام الأمى ومن لا يقرأ تامة وجه قولهما أن الامام صاحب عذر اقتدى به من هو بمثل حاله ومن لا عذر له فتجوز صلاته وصلاة من هو بمثل حاله كالعارى اذا أم العراة أو اللابسين وصاحب الجرح السائل يؤم الاصحاء وأصحاب الجراح والمومئ اذا أم المومئين والراكعين والساجدين انه تصح صلاة الامام ومن بمثل حاله كذا ها هنا ولأبى حنيفة رحمه الله تعالى طريقتان فى المسألة: احداهما ما ذكره القمى وهو انهم لما جاءوا مجتمعين لأداء هذه الصلاة بالجماعة فالأمى قادر على أن يجعل صلاته بقراءة بأن يقدم القارئ فيقتدى به فتكون قراءته قراءة له قال النبى صلى الله عليه وسلم من كان له امام فقراءة الامام له قراءة فاذا لم يفعل فقد ترك أداء الصلاة بقراءة مع القدرة عليها ففسدت بخلاف سائر الاعزار لأن لبس الامام لا يكون لبسا للمقتدى وكذا ركوع الامام وسجوده ولا ينوب عن المقتدى ووضوء الامام لا يكون وضوءا للمقتدى فلم يكن قادرا على ازالة العذر بتقديم من لا عذر له ولا يلزم على هذه الطريقة ما اذا كان الأمى يصلى وحده وهناك قارئ يصلى تلك الصلاة حيث تجوز صلاة الأمى وان كان قادرا على ان يجعل صلاته بقراءة بان يقتدى بالقارئ لأن هذه المسألة ممنوعة وذكر أبو حازم القاضى أن على قياس قول ابى حنيفة رحمه الله تعالى لا تجوز صلاة الأمى وهو قول مالك ولئن سلمنا فلأن هناك لم يقدر على أن يجعل صلاته بقراءة اذ لم يظهر من القارئ رغبة فى أداء الصلاة بجماعة حيث اختار الانفراد بخلاف ما نحن فيه والطريقة الثانية ما ذكره غسان وهو ان التحريمة انعقدت موجبة للقراءة فاذا صلوا بغير قراءة فسدت صلاتهم كالقارئين وانما قلنا ان التحريمة انعقدت موجبة للقراءة لأنه وقعت المشاركة فى التحريمة لانها غير مفتقرة الى القراءة فأنعقدت موجبة للقراءة لاشتراكها بين القارئين وغيرهم ثم عند أوان القراءة تفسد لانعدام القراءة بخلاف سائر الاعذار لأن لبس الامام لا يكون تنعقد مشتركة لان تحريمة اللابس لم تنعقد اذا اقتدى بالعارى لافتقارها الى ستر العورة والى ارتفاع سائر الأعذار فلم تنعقد مشتركة بخلاف ما نحن فيه فانها غير مفتقرة الى القراءة فأنعقدت تحريمة القارئ مشتركة فانعقدت موجبة للقراءة ولا يلزم على هذه الطريقة ما ذكرنا من المسألة لان هناك تحريمة الأمى لم تنعقد موجبة للقراء لانعدام الاشتراك بينه وبين القارئ فيها اما ها هنا فبخلافه ولا يلزم ما اذا اقتدى القارئ بالأمى بنية التطوع حيث لا يلزم القضاء ولو صح شروعه فى الابتداء للزمه القضاء لأنه صار شارعا فى صلاة لا قراءة فيها والشروع كالنذر ولو نذر صلاة بغير قراءة لا يلزمه شئ الا فى رواية عن ابى يوسف فكذلك اذا شرع فيها، ومن شروط صحة (١) الاقتداء أن لا يكون المقتدى عند الاقتداء متقدما على إمامه لقول النبى صلى الله عليه وسلم ليس مع الإمام من تقدمه ولانه اذا تقدم الإمام يشتبه عليه حاله أو يحتاج إلى النظر وراءه فى كل وقت ليتابعه فلا يمكن المتابعة ولأن المكان من لوازمه ألا ترى أنه إذا كان بينه وبين الإمام نهر أو طريق لم يصح الاقتداء لانعدام التبعية
(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ١ ص ١٤٥، ص ١٦٤ الطبعة السابقة.