للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى المكان (١) كذا هذا فاذا كان سوى الامام (٢) ثلاثة فان الامام يتقدمهم لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل الأمة بذلك وروى عن أنس ابن مالك رضى الله عنه أنه قال ان جدتى مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الى طعام فقال صلّى الله عليه وسلّم قوموا لأصلى بكم فأقامنى واليتيم من ورائه وأمى أم سليم من ورائنا ولأن الامام ينبغى أن يكون بحال يمتاز بها عن غيره ولا يشتبه على الداخل ليمكنه الاقتداء به ولا يتحقق ذلك الا بالتقدم ولو قام فى وسطهم أو فى ميمنة الصف أو فى ميسرته جاز وقد أساء أما الجواز فلأن الجواز يتعلق بالأركان وقد وجدت وأما الاساءة فلتركه السنة المتواترة وجعل نفسه بحال لا يمكن الداخل الاقتداء وفيه تعريض اقتدائه للفساد ولذلك اذا كان سواه اثنان يتقدمهما فى ظاهر الرواية وروى عن أبى يوسف أنه يتوسطهما لما روى عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه أنه صلى بعلقة والأسود وقام وسطهما وقال هكذا صنع بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولنا ما روينا أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى بأنس واليتيم واقامهما خلفه وهو مذهب على وابن عمر رضى الله تعالى عنهما، وأما حديث ابن مسعود فهذه الزيادة وهى قوله هكذا صنع بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ترو فى عامة الروايات فلم يثبت وبقى مجرد الفعل وهو محمول على ضيق المكان كذا قال ابراهيم النخعى وهو كان أعلم الناس بأحوال عبد الله ومذهبه، وان كان مع الامام رجل واحد أو صبى يعقل الصلاة يقف عن يمين الامام لما روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قال بت عند خالتى ميمونة لأراقب صلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فانتبه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقال نامت العيون وغارت النجوم وبقى الحى القيوم ثم قرأ آخر آل عمران «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ٣.}. من الأيات ثم قام الى شن (٤) معلق فى الهواء فتوضأ وافتتح الصلاة فتوضأت ووقفت عن يساره فأخذ بأذنى وفى رواية بذؤابتى وأدارنى خلفه حتى اقامنى عن يمينه فعدت الى مكانى فأعادنى ثانيا وثالثا فلما فرغ قال ما منعك يا غلام أن تثبت فى الموضع الذى أوقفتك فيه فقلت أنت رسول الله ولا ينبغى لأحد أن يساويك فى الموقف فقال صلّى الله عليه وسلّم اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل فأعاده رسول الله صلّى الله عليه وسلم اياه الى الجانب الايمن دليل على أن المختار هو الوقوف عن يمين الامام اذا كان معه رجل واحد وكذا روى عن حذيفة رضى الله تعالى عنه انه قام عن يسار رسول الله صلّى الله عليه وسلم فحوله وأقامه عن يمينه ثم اذا وقف عن يمينه لا يتأخر عن الامام فى ظاهره الرواية وعن محمد أنه ينبغى أن تكون اصابعه عند عقب الامام وهو الذى وقع عند العوام ولو


(١) المرجع السابق ج ١ ص ٤٥ الطبعة السابقة.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ١ ص ١٥٨، ص ١٥٩ طبع مطبعة المطبوعات العلمية بمصر سنة ١٣١٠ هـ‍.
(٣) الاية رقم ١٩٠ ورقم ١٩١ من سورة آل عمران
(٤) الشن القربة الخالق الصغيرة، ترتيب القاموس المحيط‍ على طريقة المصباح المنير مادة شنن.