كان المقتدى أطول من الامام وكان سجوده قدام الامام لم يضره لان العبرة بموضع الوقوف لا موضع السجود كما لو وقف فى الصف ووقع سجوده أمام الامام لطوله ولو وقف عن يساره جاز لأن الجواز متعلق بالاركان الا ترى ان ابن عباس وحذيفة رضى الله تعالى عنهما وقفا فى الابتداء عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جوز اقتداءهما به ولكنه يكره لأنه ترك المقام المختار له ولهذا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عباس وحذيفة رضى الله تعالى عنهم ولو وقف خلفه جاز لما مر وهل يكره؟ لم يذكر محمد الكراهة نصا واختلف المشايخ فيه قال بعضهم: لا يكره لان الواقف خلفه أحد الجانبين منه على يمينه فلا يتم اعراضه عن السنة بخلاف الواقف على يساره وقال بعضهم: يكره لأنه يصير فى معنى المنفرد خلف الصف وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمنبذ خلف الصفوف وأدنى درجات النهى هو الكراهة وانما نشأ هذا الاختلاف عن اشارة محمد فانه قال وان صلى خلفه جازت صلاته وكذلك ان وقف عن يسار الامام وهو مسئ فمنهم من صرف جواب الاساءة الى آخر الفعلين ذكرا ومنهم من صرفه اليهما جميعا وهو الصحيح لأنه عطف احدهما على الآخر بقوله وكذلك ثم اثبت الاساءة فينصرف اليهما واذا كان مع الامام امرأة اقامها خلفه لأن محاذاتها مفسدة وكذلك لو كان معه خنثى مشكل لاحتمال انه امرأة ولو كان معه رجل وامرأة او رجل وخنثى اقام الرجل عن يمينه والمرأة والخنثى خلفه ولو كان معه رجلان وامرأة او خنثى أقام الرجلين خلفه والمرأة أو الخنثى خلفهما. ولو اجتمع الرجال والنساء والصبيان والخناثى والصبيات المراهقات فأرادوا أن يصطفوا للجماعة يقوم الرجال صفا مما يلى الامام ثم الصبيان بعدهم ثم الخناثى ثم الاناث ثم الصبيات المراهقات وكذلك الترتيب فى الجنائز اذا اجتمعت وفيها جنازة الرجل والصبى والخنث والانثى والصبية المراهقة وأفضل مكان المأموم اذا كان رجلا حيث يكون اقرب الى الامام لقول النبى صلى الله عليه وسلم خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها واذا تساوت المواضع فى القرب الى الامام فعن يمينه اولى لان النبى صلّى الله عليه وسلم كان يحب التيامن فى الامور كلها واذا قاموا فى الصفوف تراصوا وسووا بين مناكبهم لقول النبى صلّى الله عليه وسلّم تراصوا والصقوا المناكب بالمناكب بخلاف الصلاة فى الكعبة لأن وجهه إذا كان الى الامام لم تنقطع التبعية ولا يسمى قبله بل هما متقابلان كما اذا حاذى امامه وانما تتحقق القبلية اذا كان ظهره الى الامام ولم يوجد وكذا لا يشتبه عليه حال الامام والمأموم، ومن شروط صحة الاقتداء (١) اتحاد مكان الإمام والمأموم لأن الاقتداء يقتضى التبعية فى الصلاة والمكان من لوازم الصلاة فيقتضى التبعية فى المكان ضرورة وعند أختلاف المكان تنعدم التبعية فى المكان فتنعدم التبعية فى الصلاة لانعدام لازمها ولأن اختلاف المكان يوجب خفاء حال الإمام على المقتدى فتتعذر عليه المتابعة التى هى معنى الاقتداء حتى أنه لو كان بينهما طريق عام يمر فيه الناس او نهر عظيم لا يصح الاقتداء لأن
(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ١ ص ١٤٥ الطبعة السابقة.