ذلك يوجب اختلاف المكانين عرفا مع اختلافهما حقيقة فيمنع صحة الاقتداء وأصله ما روى عن عمر رضى الله تعالى عنه موقوفا عليه ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من كان بينه وبين الامام نهرا أو طريقا أو صفا من النساء فلا صلاة له ومقدار الطريق العام ذكر فى الفتاوى انه سئل أبو نصر محمد بن محمد بن سلام عن مقدار الطريق الذى يمنع صحة الاقتداء فقال مقدار ما تمر فيه العجلة أو تمر فيه الاوقار أى الأحمال وسئل أبو القاسم الصغار عنه فقال مقدار ما يمر فيه الجمل وأما النهر العظيم فما لا يمكن العبور عليه الا بعلاج كالقنطرة ونحوها وذكر الامام السرخسى ان المراد من الطريق ما تمر فيه العجلة وما وراء ذلك طريقة لا طريق والمراد بالنهر ما تجرى فيه السفن وما دون ذلك بمنزلة الجدول لا يمنع صحة الاقتداء فان كانت الصفوف متصلة على الطريق جاز الاقتداء لأن اتصال الصفوف أخرجه من أن يكون ممر الناس فلم يبق طريقا بل صار مصلى فى حق هذه الصلاة وكذلك ان كان على النهر جسر وعليه صف متصل لما قلنا ولو كان بينهما حائط ذكر فى الأصل أنه يجزئه وروى الحسن عن أبى حنيفة أنه لا يجزئه وهذا فى الحاصل على وجهين إن كان الحائط قصيرا ذليلا بحيث يتمكن كل أحد من الركوب عليه كحائط المقصورة لا يمنع الإقتداء لأن ذلك لا يمنع التبعية فى المكان ولا يوجب خفاء حال الإمام ولو كان بين الصفين حائط إن كان طويلا وعريضا ليس فيه ثقب يمنع الإقتداء وإن كان فيه ثقب لا يمنع مشاهدة حال الإمام لا يمنع بالاجماع وان كان كبيرا فإن كان عليه باب مفتوح أو خوخة فكذلك وإن لم يكن عليه شئ من ذلك ففيه روايتان وجه الرواية الأولى التى قال لا يصح أنه يشتبه عليه حال امامه فلا يمكنه المتابعة وجه الرواية الأخرى الوجود وهو ما ظهر من عمل الناس فى الصلاة بمكة فإن الإمام يقف فى مقام ابراهيم صلوات الله عليه وسلامه وبعض الناس يقفون وراء الكعبة من الجانب الأخر فبينهم وبين الإمام حائط الكعبة ولم يمنعهم أحد من ذلك فدل على الجواز ولو كان بينهما صف من النساء يمنع صحة الاقتداء لما روينا من الحديث ولأن الصف من النساء بمنزلة الحائط الكبير الذى ليس فيه فرجة وذا يمنع صحة الاقتداء كذا هذا ولو اقتدى بالامام فى اقصى المسجد والامام فى المحراب جاز لأن المسجد على تباعد أطرافه جعل فى الحكم كمكان واحد ولو وقف على سطح المسجد واقتدى بالامام فان كان وقوفه خلف الامام أو بحذائه أجزأه لما روى عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أنه وقف على سطح واقتدى بالامام وهو فى جوفه ولأن سطح المسجد تبع للمسجد وحكم التبع حكم الاصل فكأنه فى جوف المسجد وهذا اذا كان لا يشتبه عليه حال امامه فان كان يشتبه لا يجوز وان كان وقوفه متقدما على الامام لا يجزئه لانعدام معنى التبعية كما لو كان فى جوف المسجد وكذلك لو كان على سطح بجنب المسجد متصل به ليس بينهما طريق فاقتدى به صح اقتداؤه عندنا وقال الشافعى لا يصح لأنه ترك مكان الصلاة بالجماعة من غير ضرورة ولنا أن السطح اذا كان متصلا بسطح المسجد كان تبعا لسطح المسجد وتبع سطح المسجد فى حكم المسجد فكان اقتداؤه وهو عليه كاقتدائه وهو فى جوف المسجد اذا كان لا يشتبه عليه حال الامام ولو