للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والامام أسفل منه وهذا قول مالك الاول واختيار ابن القاسم ورجع مالك الى كراهة ذلك قال فى كتاب الصلاة الأول من المدونة وجائز أن يصلى فى غير الجمعة على ظهر المسجد بصلاة الامام والمأموم فى داخل المسجد ثم كرهه ابن القاسم قال عبد السّلام وتبعه خليل فى التوضيح وابن ناجى وغيرهم انما لم يكرهه ابن القاسم لحصول السماع للمأموم هناك غالبا وينبغى أن يكون خلافا فى حال وقال ابن بشير: اختلف قوله فى المدونة فى الامام يصلى فى المسجد ويصلى قوم فوق المسجد بصلاته فكرهه مرة وأجازه أخرى وعللت الكراهة بالبعد عن الامام أو تفرقه الصفوف وعدم التحقق لمشاهدة أفعال الامام وعلى هذا يكون الجواز اذا قرب أعلى المسجد من أسفله فيكون خلافا فى حال، ونقله ابن فرحون فقال لبعده عن الامام وقيل لكونه لا يشاهد أفعاله وقيل لتفريق الصفوف فعلى الأول لو كان السطح قريبا لم يكره وعلى الثانى ان شاهد افعال الامام أو المأمومين لم يكره وعلى الثالث يكره مطلقا، والظاهر التعليل بالبعد فلما رأى ابن القاسم ان هذا البعد يمكن معه مراعاة أفعال الامام بحصول السماع من غير تكلف أجازه واما عكس المسألة الاولى وهى أن يكون الامام على مكان اعلى من مكان المأموم فلا يجوز قاله الحطاب وابن غازى وغيرهما قال ابن بشير وقد نهى النبى صلّى الله عليه وسلّم أن يصلى الامام على أنشز مما عليه أصحابه ومعنى انشز ارفع وذكر فى الطراز عن عمار بن ياسر رضى الله تعالى عنه أنه كان يصلى بالمدائن فأقيمت الصلاة فتقدم عمار وقام على دكان يصلى والناس أسفل منه فتقدم حذيفة وأخذ على يديه فتبعه عمار حين أنزله حذيفة فلما فرغ عمار رضى الله تعالى عنه من صلاته قال له حذيفة ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اذا أم الرجل القوم فلا يقم فى مكان أرفع من مقامهم او نحو ذلك فقال عمار لذلك اتبعتك حين أخذت على يدى أخرجه ابو داود وقال ابن فرحون فى الشرح لأن الأمامة تقتضى الترفع فاذا انضاف الى ذلك علوه عليهم فى المكان دل على قصده الكبر واذا كان العلو (١) بقصد الكبر تبطل صلاتهم قال ابن رشد بعد ذكره الحديث المتقدم عنه وكأنه صلّى الله عليه وسلّم اشار بذلك الى ما أحدثه بعده بنو أمية من التكبر عن مساواة الناس وكانوا يتخذون موضعا مرتفعا عن محل من يقتدى بهم تكبرا وعبثا ولا خلاف فى المذهب أن القصد الى ذلك محرم وانه متى حصل بطلت الصلاة وكذلك قالوا لو صلى المقتدون على موضع مرتفع قصدا للتكبر عن المساواة فأن صلاة القاصد الى ذلك باطلة وان صلى الامام غير قاصد للتكبر فان كان الارتفاع يسيرا صحت الصلاة بلا خلاف وان كان الارتفاع كثيرا فللمتأخرين قولان صحة الصلاة وأخذ من قوله فى تعليل البطلان لان هؤلاء يعبثون وقيل بالبطلان لعموم النهى فى الحديث المتقدم وقال ابن فرحون قال ابن شاس ان من صلى على أرفع مما عليه أمامه أو أخفض من غير قصد الى التكبر صحت صلاته أن كان الارتفاع يسيرا كالشبر وعظم الذراع ونحوه


(١) التاج والاكليل ج ٢ ص ١١٩ الطبعة المتقدمة.