فلا يلغوا نية الفرض فمن حيث أنه لم يلغ نية الفرض لم يصر شارعا فى النفل ومن حيث أنه يخالف فرضه فرض الامام لم يصح الاقتداء فلم يصر شارعا فى الصلاة اصلا بخلاف ما اذا لم يكن عليه الفرض لأن نية الفرض لغت أصلا كأنه لم ينو وجه قولهما أنه بنى أصل الصلاة ووصفها على صلاة الامام وبناء الأصل صح وبناء الوصف لم يصح فلغى الوصف وبقى بناء الاصل وبطلان بناء الوصف لا يوجب بطلان بناء الأصل لاستغناء الأصل عن هذا الوصف فيصير هذا اقتداء المتنفل بالمفترض وأنه جائز وذكر فى النوادر عن محمد رحمه الله تعالى فى رجلين يصليان صلاة واحدة معا وينوى كل واحد منهما أن يؤم صاحبه فيها أن صلاتهما جائزة لأن صحة صلاة الامام غير متعلقة بصلاة غيره فصار كل واحد منهما كالمنفرد فى حق نفسه ولو اقتدى كل واحد منهما بصاحبه فيها فصلاتهما فاسدة لأن صلاة المقتدى متعلقة بصلاة الامام ولا امام هاهنا.
جاء فى بدائع الصنائع (١): أن اقتداء المقيم بالمسافر يصح فى الوقت وخارج الوقت لأن صلاة المسافر فى الحالتين واحدة والقعدة فرض فى حقه نفل فى حق المقتدى واقتداء المتنفل بالمفترض جائز فى كل الصلاة فكذا فى بعضها فهو الفرق ثم اذا سلم الامام على رأس الركعتين لا يسلم المقيم لأنه قد بقى عليه شطر الصلاة فلو سلم لفسدت صلاته لكنه يقوم ويتمها أربعا لقول النبى صلّى الله عليه وسلّم «أتموا يا أهل مكة فأنا قوم سفر، وينبغى للامام المسافر اذا سلم ان يقول للمقيمين خلفه أتموا صلاتكم فأنا قوم سفر اقتداء بالنبى صلّى الله عليه وسلّم ولا قراءة على المقتدى فى بقية صلاته اذا كان مدركا أى لا يجب عليه لأنه شفع أخير فى حقه، ومن مشايخنا من قال ذكر فى الأصل ما يدل على وجوب القراءة فانه قال اذا سها يلزمه سجود السهو والاستدلال به الى العكس أولى لأنه الحقه بالمنفرد فى حق السهو فكذا فى حق القراءة ولا قراءة على المنفرد فى الشفع الأخير، ثم المقيمون بعد تسليم الامام يصلون وحدانا ولو اقتدى بعضهم ببعض فصلاة الامام منهم تامة وصلاة المقتدين فاسدة لأنهم اقتدوا فى موضع يجب عليهم الانفراد ولو قام المقيم الى اتمام صلاته ثم نوى الامام الاقامة قبل التسليم ينظر ان لم يقيد هذا المقيم ركعته بالسجدة رفض ذلك وتابع امامه حتى لو لم يرفض وسجد فسدت صلاته لأن صلاته صارت أربعا تبعا لامامه لأنه ما لم يقيد الركعة بالسجدة لا يخرج عن صلاة الامام ولا يعتد بذلك القيام والركوع لأنه لو وجد على وجه النفل فلا ينوب عن الفرض ولو قيد ركعته بالسجدة ثم نوى الامام الاقامة أتم صلاته ولا يتابع الامام حتى لو رفض ذلك وتابع الامام فسدت صلاته لأنه اقتدى فى موضع يجب عليه الانفراد، وعلى هذا اذا اقتدى المسافر بالمقيم فى الوقت ثم خرج الوقت قبل الفراغ من الصلاة لا تفسد صلاته ولا يبطل اقتداؤه به وان كان لا يصح اقتداء المسافر بالمقيم فى خارج الوقت ابتداء لانه لما صح اقتداؤه به وصار تبعا له صار حكمه حكم المقيمين وانما يتأكد وجوب الركعتين بخروج الوقت فى حق المسافر وهذا قد صار مقيما وصلاة المقيم لا تصير ركعتين بخروج الوقت
(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ١ ص ١٠١، ص ١٠٢، ص ١٠٣ الطبعة السابقة