للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وضالا «فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ ١».

وأيضا: لو أجمعوا على الخطأ لكانوا آمرين بالمنكر وناهين عن المعروف، وهو خلاف المنصوص (٢).

وقد نوقش هذا الاستدلال كذلك بما لا نطيل بذكره، وفيه يقول الشوكانى: «ولا يخفاك أن الآية لا دلالة لها على محل النزاع لأن اتصافهم بكونهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لا يستلزم أن يكون قولهم حجة شرعية تصير دينا ثابتا على كل الأمة، بل المراد أنهم يأمرون بما هو معروف، فى هذه الشريعة وينهون عما هو منكر فيها.

فالدليل على كون ذلك الشئ معروفا أو منكرا هو الكتاب أو السنة، لا إجماعهم، غاية ما فى الباب أن إجماعهم يصير قرينة على أن فى الكتاب أو السنة ما يدل على ما أجمعوا عليه، وأما أنه دليل بنفسه فليس فى هذه الآية ما يدل على ذلك (٣)».

الآية الرابعة قوله تعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ٤».

«ووجه الاحتجاج بها أنه تعالى نهى عن التفرق، ومخالفة الإجماع تفرق، فكان منهيا عنه، ولا معنى لكون الإجماع حجة سوى النهى عن مخالفته (٥)».

وقد أعقب الآمدى بيان الاحتجاج بذكر ما ورد عليه من المناقشات والإجابة عن كل منها (٦).

الآية الخامسة قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ، إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ٧».

ووجه الاحتجاج بالآية أنه شرط‍ التنازع فى وجوب الرد إلى الكتاب والسنة، والمشروط‍ ينعدم عند عدم الشرط‍. وذلك يدل على أنه إذا لم يوجد التنازع فالاتفاق على الحكم كاف عن الكتاب والسنة ولا معنى لكون الإجماع حجة سوى هذا (٨)».

وقد عقب الآمدى بذكر ما نوقش به هذا الدليل أيضا، وما ورد به على المناقشة.

وبهذا انتهى المسلك الأول وهو الاستدلال بالكتاب على حجية الإجماع.

وقد علق الآمدى على هذا المسلك بقوله «واعلم أن التمسك بهذه الآيات، وإن كانت مفيدة للظن، فغير مفيدة للقطع، ومن زعم أن المسألة قطعية، فاحتجاجه فيها بأمر ظنى غير مفيد للمطلوب، وانما يصح ذلك على رأى من يزعم أنها اجتهادية ظنية (٩)».


(١) سورة يونس: ٣٢.
(٢) إرشاد الفحول ص ٧٤ وشرح المنار ص ١٠٩ ج‍ ٢.
(٣) إرشاد الفحول ص ٧٤.
(٤) سورة آل عمران: ١٠٣.
(٥) الأحكام للآمدى ص ٣٠٩، ٣١٠ ج‍ ١.
(٦) الأحكام للآمدى ص ٣٠٩ وما بعدها ج‍ ١.
(٧) سورة النساء: ٥٩.
(٨) الأحكام للأمدى ص ٣١١ ج‍ ١.
(٩) ص ٣١٢ ج‍ ١ للأحكام.