للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحجر أى جنسه (١) والا فقد انقطع حجر الصبى ببلوغه وخلفه حجر السفه. وان بلغ رشيدا انفك الحجر عنه بنفس البلوغ واعطى ماله ولو امرأة فيصح تصرفها حينئذ بدون حاجة الى اذن الزوج. وقيل يشترط‍ فك القاضى لأن الرشد يحتاج الى نظر واجتهاد ..

ورد بأنه حجر ثبت من غير حاكم فلم يتوقف زواله على ازالة الحاكم كحجر الجنون فلو بذر بعد بلوغه رشيدا حجر الحاكم عليه دون غيره من أب أو جد لوقوعه فى محل الاجتهاد لقوله تعالى «ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التى جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم» وخبر. خذوا على ايدى سفهائكم. نعم نقل الرويانى عن الشافعى - استحباب رد الحاكم امره بعد الحجر عليه الى ابيه أو جده فان لم يكن فلعصباته لشفقتهم.

ويستحب الاشهاد على حجر السفيه ولو رأى النداء عليه ليجتنب فى المعاملة. وعلى هذا لو عاد رشيدا لم ينفك الحجر الا برفع من الحاكم كما لا يثبت الا بحكم منه. وقيل يعود الحجر بلا اعادة كالجنون وتصرفه قبل الحجر عليه صحيح - ولو فسق مع صلاح تصرفه فى المال بعد بلوغه رشيدا لم يحجر عليه فى الأصح لان الاولين لم يحجروا على الفسقة. والثانى يحجر عليه كالاستدامة وكما لو بذر ومن حجر عليه لسفه طرأ بعد البلوغ رشيدا فوليه القاضى لأنه الذى يعيد الحجر على هذا الرأى اذ ولاية الأب ونحوه زالت فصار النظر لمن له الولاية التامة .. وقيل وليه فى الصغر كما لو بلغ سفيها. واذا قلنا بعود الحجر بنفس السفه فوجهان أصحهما انه القاضى أيضا. وحاصل ذلك أن فيه طريقين أصحهما القطع بأنه للقاضى .. ولو طرأ جنون فوليه وليه فى الصغر وهو الأب ثم الجد وقيل وليه القاضى - والفرق بين الصحيحين أن السفه مجتهد فيه فاحتاج الى نظر الحاكم بخلاف الجنون.

ولا يصح من المحجور عليه لسفه حسا أو شرعا بيع ولو بغبطة أو فى الذمة ولا شراء .. وان أذن له الولى وقدر العوض لان تصحيح ذلك منه يؤدى الى بطلان معنى الحجر ولأنهما اتلاف أو مظنة الاتلاف ولا اعتاق ولو بعوض كالكتابة لانه اتلاف ويبطل معنى الحجر فلو كان بعد الموت كتدبير ووصية صح لانه لا يضره فى الحياة. ولا هبة منه للغير لما فيها من اتلاف المال بخلاف الهبة له فأنها تصح مع كون المخاطب بها سفيها لانه تحصيل مال وليس بتفويت ويصح قبوله الهبة دون الوصية لأنه ليس أهلا لأن يتملك بعقد وقبوله الوصية تملك.

وليس قبول الوصية على الفور فأنيط‍ بالولى لعدم حصول ضرر بالتأخير أما قبول الهبة فالمصلحة تقضى بجعله له لاشتراط‍ اتصال قبولها بأيجابها فكان فوريا وقد يوجد أيجابها مع غيبة الولى فلا مصلحة فى أناطة القبول فيها بالولى. ولان ايجابها ليس تملكا فجعل للمحجور الحق فيه - واذا كان الراجح جواز قبول الهبة فلا يجوز تسليم الموهوب اليه:

وأن سلمه فلا ضمان. ولا يصح منه قبول النكاح لنفسه بغير اذن وليه لانه اتلاف للمال او مظنة اتلافه. أما قبوله النكاح لغيره بالوكالة فصحيح كما قاله الرافعى فى الوكالة.


(١) نهاية المحتاج ج‍ ٤ ص ٣٥٣ وما بعدها باب الحجر.