ذلك ولا تجوز شهادة النساء فى الموضع الذى ينفردان فيه الا أن يكن حرائر عدولا بوالغ ويكن أربعا لان الله عز وجل اذا أجاز شهادتهن فى الدين جعل امرأتين تقومان مقام رجل بعينه فاذا شهد أربع نسوة ان امرأة أرضعت امرأة خمس رضعات وأرضعت زوجها خمسا أو أقر زوجها بأنها أرضعته خمسا فرق بينهما فان أصابها فلها مهر مثلها وان لم يصبها فلا نصف مهر لها ولا متعة. وكذلك ان كان فى النسوة أخوات المرأة وعماتها وخالاتها لانها لا يرد لها الا شهادة ولد أو والد وان كانت المرأة تنكر الرضاع فكانت فيهن ابنتها وأمها جزن عليها، أنكره الزوج أو ادعاه وان كانت المرأة تنكر الرضاع والزوج ينكر أو لا ينكر فلا يجوز فيه أمها ولا أمهاتها ولا ابنتها ولا بناتها وسواء هذا قبل عقدة النكاح وبعد عقدته قبل الدخول وبعده لا يختلف لا يفرق فيه بين المرأة والزوج الا بشهادة أربع ممن تجوز شهادته عليه ليس فيهن عدد للمشهود عليه أو غير عدل ويجوز فى ذلك شهادة التى أرضعت لانه ليس لها فى ذلك ولا عليها شئ ترد به شهادتها وكذلك تجوز شهادة ولدها وأمهاتها ويوقفن حتى يشهدن ان قد أرضع المولود خمس رضعات تخلص كلهن الى جوفه أو يخلص من كل واحدة منهن شئ الى جوفه وتسعهن الشهادة على هذه لانه لا يستدرك فى الشهادة فيه أبدا أكثر من رؤيتهن الرضاع وعلمهن وصوله بما يرين من ظاهر الرضاع قال الشافعى: واذا لم يكمل فى الرضاع شهادة أربع نسوة أحببت له فراقها وان كان نكحها وترك نكاحها ان لم يكن نكحها للورع فانه ان يدع ماله نكاحه خير من أن ينكح ما حرم عليه ولو نكحها لم أفرق بينهما الا بما أقطع به الشهادة على الرضاع فقد أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرنى ابن أبى مليكة أن عقبة بن الحرث أخبره انه نكح أم يحيى بنت أبى اهاب فقالت أمه سوداء قد أرضعتكما قال فجئت الى النبى صلّى الله عليه وسلّم فذكرت ذلك له فأعرض فتنحيت فذكرت ذلك له فقال وكيف وقد زعمت انها أرضعتكما قال الشافعى اعراضه صلى الله عليه وسلم يشبه ان يكون لم ير هذا شهادة تلزمه وقوله وكيف وقد زعمت انها أرضعتكما يشبه أن يكون كره له ان يقيم معها وقد قيل انها أخته من الرضاعة وهذا معنى ما قلنا من أن يتركها ورعا لا حكما (١) واذا أقر رجل أن أمرأة أمه من الرضاعة أو ابنته من الرضاعة ولم ينكح واحدة منهما وقد ولدت المرأة التى يزعم انها أمه وكان لبن يعرف للمرضع مثله وكان لها سن يحتمل ان يرضع مثلها مثله لو ولد له وكانت له سن تحتمل ان ترضع امرأته أو أمته التى ولدت منه مثل الذى أقر انها ابنته لم تحلل له واحدة منهما ابدا فى الحكم ولا من بناتهما ولو قال مكانه غلطت أو وهمت لم يقبل منه لأنه قد أقر أنهما ذواتا محرم منه قيل يلزمه لهما أو يلزمهما له شئ وكذلك لو كانت هى المقرة بذلك وهو يكذبها ثم قالت غلطت لانها أقرت به فى حال لا يدفع بها عن نفسه ولا يجر اليها ولا تلزمه ولا نفسها باقرارها شيئا ولو كانت المسألة بحالها غير أن لم تلد التى أقر أنها أرضعته
(١) الأم للامام الشافعى ح ٥ ص ٢٩، ٣٠ طبعة دار الشعب سنة ١٣٨٨ هـ - ١٩٦٨ م.