للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الرضاعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنظرن من اخواتكن فانما الرضاعة من المجاعة» متفق عليه وعن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «لا يحرم من الرضاع الا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام» أخرجه الترمذى وقال حديث حسن صحيح وروى عنه عليه الصلاة والسّلام «لا رضاع الا ما كان فى الحولين» والفطام معتبر بمدته لا بنفسه قال أبو الحطاب لو ارتضع بعد الحولين بساعة لم يحرم وقال القاضى «لو شرع فى الخامسة فحال الحول قبل كمالها لم يثبت التحريم ولا يصح هذا لأن ما وجد من الرضعة فى الحولين كاف فى التحريم بدليل ما لو انفصل مما بعده فلا ينبغى أن يسقط‍ حكم بايصال مالا أثر له به واشترط‍ الخرقى نشر الحرمة بين المرتضع وبين الرجل الذى ثاب اللبن بوطئه ان يكون لبن حمل ينتسب الى الواطئ اما لكون الوط‍ ء فى نكاح أو ملك يمين أو شبهة فأما لبن الزانى أو النافى للولد باللعان فلا ينشر الحرمة بينهما فى مفهوم كلام الخرقى وقال أبو بكر عبد العزيز: تنتشر الحرمة بينهما لأنه معنى ينشر الحرمة فاستوى بذلك فى مباحه ومحظوره كالوط‍ ء يحققه أن الواطئ حصل منه لبن وولد ثم ان الولد ينشر الحرمة بينه وبين الواطئ كذلك اللبن ولأنه رضاع ينشر الحرمة الى المرضعة فنشرها الى الواطئ كصورة الاجماع. ووجه القول الأول أن التحريم بينهما فرع لحرمة الأبوة فلما لم يثبت حرمة الأبوة لم يثبت ما هو فرع لها ويفارق تحريم ابنته من الزنا لانها من نطفته حقيقة بخلاف مسألتنا ويفارق تحريم المصاهرة فان التحريم ثم لا يقف على ثبوت النسب، ولهذا تحرم أم زوجته وابنتها من غير نسب. وتحريم الرضاع مبنى على النسب ولهذا قال النبى صلى الله عليه وسلم «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب».

فأما المرضعة فان الطفل المرتضع محرم عليها ومنسوب اليها عند الجميع، وكذلك يحرم جميع أولادها وأقاربها الذين يحرمون على أولادها على هذا المرتضع كما فى الرضاع باللبن المباح. وان كان المرتضع جارية حرمت على الملاعن بغير خلاف أيضا لأنها ربيبته فانها بنت امرأته من الرضاع وتحرم على الزانى من يرى تحريم المصاهرة وكذلك يحرم بناتها وبنات المرتضع من الغلمان لذلك (١).

واذا وطئ رجلان امرأة فأتت بولد فأرضعت بلبنه طفلا صار ابنا لمن ثبت نسب المولود منه سواء ثبت نسبه منه بالقافة أو بغيرها. وان الحقته القافة بهما صار المرتضع ابنا لهما فالمرتضع فى كل موضع تبع للمناسب فمتى لحق المناسب بشخص فالمرتضع مثله. وان انتفى المناسب عن أحدهما فالمرتضع مثله لأنه بلبنه ارتضع وحرمته فرع على حرمته وان لم يثبت نسبه منهما لتعذر القافة أو لاشتباهه عليهم ونحو ذلك حرم عليهما تغليبا للحظر لانه يحتمل أن يكون منهما ويحتمل أن يكون من أحدهما فيحرم عليه أقاربه دون أقارب الآخر وقد اختلطت أخته بغيرها فحرم الجميع كما لو علم أخته بعينها ثم اختلطت بأجنبيات وان انتفى عنهما جميعا بأن تأتى به لدون ستة أشهر من وطئهما أو لأكثر من أربع سنين أو لدون ستة أشهر من وط‍ ء أحدهما أو لأكثر من أربع سنين من وط‍ ء الآخر انتفى المرتضع عنهما أيضا. فان كان


(١) المغنى ح‍ ٩ من ٢٠١ - ٢٠٤ نفس الطبعة.