للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المرتضع جارية حرمت عليهما تحريم المصاهرة ويحرم أولادها عليهما أيضا لأنها ابنة موطوءتهما فهى ربيبة لهما (١) وان ثاب للمرأة لبن من غير وط‍ ء فان أرضعت به طفلا نشر الحرمة فى أظهر الروايتين لقول الله تعالى:

«وَأُمَّهاتُكُمُ اللاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ» (٢) ولأنه لبن امرأة فتعلق به التحريم كما لو ثاب بوط‍ ء ولأن ألبان النساء خلقت لغذاء الأطفال فان كان هذا نادرا فجنسه معتاد. والرواية الثانية لا تنشر الحرمة لأنه نادر لم تجر العادة به لتغذية الأطفال فأشبه لبن الرجال والأول لبن أصح (٣).

واذا كان لرجل خمس امهات أولاد له منهن لبن فارتضع طفل من كل واحدة منهن رضعة لم يصرن أمهات له وصار المولى أبا له. وهذا قول ابن حامد لأنه ارتضع من لبنه خمس رضعات وفيه وجه آخر لا تثبت الأبوة لانه رضاع لم يثبت الأمومة فلم يثبت الأبوة كالارتضاع بلبن الرجل. والأول أصح فان الابوة انما تثبت لكونه رضع من لبنه لا لكون المرضعة أما له واذا قلنا بثبوت الابوة حرمت عليه المرضعات لانه ربيبهن وهن موطوءات أبيه. وان كان لرجل خمس بنات فأرضعن طفلا كل واحدة رضعة لم يصرن امهات له وهل يصير الرجل جدا له وأولاده أخوالا له وخالات؟ على وجهين: أحدهما يصير جدا واخوهن خالا لأنه قد كمل للمرتضع خمس رضعات من لبن بناته أو اخواته فأشبه ما لو كان من واحدة والوجه الآخر: لا تثبت ذلك لأن كونه جدا فرع كون ابنته أما وكونه خالا فرع كون اخته أما. ولم يثبت ذلك فلا يثبت الفرع وعلى هذا الوجه يترجح فى هذه المسألة، لأن الفرعية متحققة بخلاف التى قبلها فان قلنا يصير اخوهن خالا لم تثبت الخؤولة فى حق واحدة منهن لأنه لم يرتضع من لبن اخواتها خمس رضعات ولكن يحتمل التحريم لأنه قد اجتمع من لبن المحرم خمس رضعات ولو كمل للطفل خمس رضعات من اخته وابنته وزوجته وزوجة أبيه من كل واحدة رضعة خرج على الوجهين (٤).

واذا كان لامرأة لبن من زوج فأرضعت طفلا ثلاث رضعات وانقطع لبنها فتزوجت آخر فصار لها منه لبن فأرضعت منه الصبى رضعتين صارت أما له بغير خلاف علمناه عند القائلين بأن الخمس محرمات ولم يصر واحد من الزوجين آبا له لأنه لم يكمل عدد الرضاع من لبنه ويحرم على الرجلين لكونه ربيبهما لا لكونه ولدهما (٥).

ولو طلق زوجته ثلاثا وهى ترتضع من لبن ولده فتزوجت بصبى مرضع فأرضعته حرمت عليه ثم تزوجت بآخر ودخل بها ووطئها ثم طلقها أو مات عنها لم يجز أن يتزوجها الأول لأنها صارت من حلائل الابناء لما ارضعت الصبى الذى تزوجت به هذه المسألة من فروع المسألة التى قبلها وهو أن المرتضع يصير ابنا للرجل الذى ثاب اللبن بوطئه فهذه المرأة لما تزوجت صبيا ثم أرضعته بلبن مطلقها صار ابنا لطلقها فحرمت عليه لانها أمه وبانت منه


(١) المغنى ح‍ ٩ ص ٢٠٤ الى ٢٠٥.
(٢) الآية رقم ٢٣ من سورة النساء.
(٣) المغنى ح‍ ٩ ص ٢٠٦ نفس المطبعة.
(٤) نفس المرجع ح‍ ٩ ص ٢٠٦ - ٢٠٧.
(٥) نفس المرجع ح‍ ٩ ص ٢٠٧ نفس الطبعة.