للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت زوجة له فصارت زوجة لابن مطلقها فحرمت على الأول على التأبيد لكونها صارت من حلائل ابنائه (١).

ولو تزوجت امرأة صبيا فوجدت به عيبا ففسخت نكاحه ثم تزوجت كبيرا فصار لها منه لبن فأرضعت به الصبى خمس رضعات حرمت على زوجها لأنها صارت من حلائل ابنائه. ولو زوج الرجل أم ولده أو امته بصبى مملوك فأرضعته بلبن سيدها خمس رضعات انفسخ نكاحه وحرمت على سيدها على التأبيد لأنها صارت من حلائل ابنائه فان كان الصبى حرا لم يتصور هذا الفرع لم يصح نكاحه لأن من شروط‍ جواز نكاح الحر الأمة خوف العنت ولا يوجد ذلك فى الطفل فان زوج بها كان النكاح فاسدا وان أرضعته لم تحرم على سيدها لأنه ليس بزوج فى الحقيقة (٢) واذا طلق الرجل زوجته ولها منه لبن فتزوجت آخر لم يخل من خمسة أحوال.

الأول: أن يبقى لبن الأول بحاله لم يزد ولم ينقص ولم تلد من الثانى فهو للأول سواء حملت من الثانى أو لم تحمل - لا نعلم فيه خلافا لان اللبن كان للأول ولم يتجدد ما يجعله من الثانى فبقى للأول.

الثانى: أن لا تحمل من الثانى فهو للأول سواء زاد أو لم يزد أو انقطع ثم عاد أو لم ينقطع.

الثالث: أن تلد من الثانى فاللبن له خاصة سواء زاد أو لم يزد أو انقطع أو اتصل لأن اللبن الأول ينقطع بالولادة من الثانى فان حاجة المولود الى اللبن تمنع كونه لغيره.

الرابع: أن يكون لبن الأول باقيا وراد بالحمل من الثانى فاللبن منهما جميعا، لأن زيادته عند حدوث الحمل ظاهر فى أنها منه.

وبقاء لبن الأول يقتضى كون أصله منه فيجب أن يضاف اليهما كما لو كان الولد منهما.

الخامس: انقطع من الأول ثم ثاب بالحمل من الثانى فقال أبو بكر هو منهما اذا انتهى الحمل الى حال ينزل به اللبن وذلك لأن اللبن كان للأول، فلما عاد بحدوث الحمل فالظاهر أن لبن الأول ثاب بسبب الحمل الثانى فكان مضافا اليهما كما لو لم ينقطع. واختار أبو الحطاب أنه من الثانى لأن لبن الأول انقطع فزال حكمه بانقطاعه وحدث بالحمل من الثانى فكان له كما لو لم يكن لها ابن من الأول (٣) ولو تزوج كبيرة وصغيرة ولم يدخل بالكبيرة حتى أرضعت الصغيرة فى الحولين حرمت عليه الكبيرة وثبت نكاح الصغيرة. وان كان دخل بالكبيرة حرمتا عليه جميعا. ويرجع بنصف مهر الصغيرة على الكبيرة. نص أحمد على هذا كله فى هذه المسألة فصول أربعة:

الأول: أنه متى تزوج كبيرة وصغيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة قبل دخوله بها فسد نكاح الكبيرة فى الحال وحرمت على التأبيد لأنه أمكن ازالة الجمع بانفساخ نكاح الكبيرة وهى أولى به لأن نكاحها محرم على التأبيد فلم يبطل


(١) نفس المرجع ح‍ ٩ ص ٢٠٧، ٢٠٨.
(٢) المغنى لابن قدامه ح‍ ٩ ص ٢٠٨ نفس الطبعة.
(٣) نفس المرجع ح‍ ٩ ص ٢٠٨، ٢٠٩ نفس الطبعة.