للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حالة الصحة وحالة المرض لان النسب من الحوائج الأصلية، وكذلك اذا ادعاه أحدهما وأعتقه الآخر وخرج القول منهما معا فعتقه باطل ودعوة صاحبه أولى لأن الدعوة استندت الى حالة متقدمة، وهى العلوق.

والعتق وقع فى الحال فصارت الدعوة أسبق من الاعتاق، فكانت أولى وان ادعياه جميعا فهو ابنهما والجارية أم ولد لهما تخدم لهذا يوما ولذاك يوما، ولا يضمن واحد منهما من قيمة الأم لصاحبه شيئا، ويضمن كل واحد منهما نصف العقر فيكون قصاصا.

أما ثبوت النسب منهما فمذهبنا، واما صيرورة نصيب كل واحد منهما من الجارية أم ولد فلثبوت نسب ولدها منه فصار كأنه انفرد بالدعوة، وانما لا يضمن أحدهما للآخر شيئا من قيمة الأم لأن نصيب كل واحد منهما لم ينتقل الى شريكه وانما ضمن كل واحد منهما لصاحبه نصف العقر لوجود سبب وجوب الضمان وهو الاقرار بالوط‍ ء فى ملك الغير فيصير أحدهما قصاصا للآخر لعدم الفائدة فى الاستيفاء، وكذلك لو كانت الجارية بين ثلاثة أو أربعة أو خمسة فادعوه جميعا معا يثبت نسبه منهم وتصير الجارية أم ولد لهم فى قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى وعند أبى يوسف لا يثبت النسب من أكثر من اثنين، وعند محمد لا يثبت النسب من أكثر من ثلاثة وان كان الأنصباء مختلفة بأن كان لأحدهم السدس ولآخر الربع ولآخر الثلث ولآخر ما بقى يثبت نسبه منهم ويصير نصيب كل واحد منهم من الجارية أم ولد له لا يتعدى الى نصيب صاحبه حتى تكون الخدمة والكسب والغلة بينهم على قدر أنصبائهم لأن كل واحد منهم ثبت الاستيلاد منه فى نصيبه فلا يجوز أن يثبت فيه استيلاد غيره (١).

ولو كانت الأمة بين الأب والابن فجاءت بولد فادعياه جميعا معا ثبت النسب منهما جميعا عند زفر رحمه الله تعالى لأنهما استويا فى سبب الاستحقاق وهو أصل الملك، فيستويان فى الاستحقاق.

أما عند علمائنا الثلاثة رحمهم الله تعالى فالأب أولى لان نصف الجارية ملكه حقيقة وله حق تمليلك النصف الآخر، وليس للابن الا ملك النصف، فكان الأب أولى، ويتملك نصيب الابن من الجارية بالقيمة ضرورة ثبوت الاستيلاد فى نصيبه لأنه لا يتجزأ، فلا يتصور ثبوته فى البعض دون البعض كما فى الجارية المشتركة بين الأجنبيين، ويضمن كل واحد منهما للآخر نصف العقر لان الوط‍ ء من كل واحد منهما فى قدر نصيب شريكه حصل فى غير الملك كما فى الأجنبيين يضمن كل واحد منهما نصف العقر للآخر ثم يكون النصف بالنصف قصاصا كما فى الأجانب.

وهذا بخلاف حالة الانفراد، فان أمة لرجل اذا جاءت بولد فادعاه أبوه ثبت نسبه منه ولا عقر عليه عند أصحابنا الثلاثة لأن هناك صار متملكا الجارية ضرورة صحة الاستيلاد سابقا عليه أو مقارنا له لانعدام حقيقة الملك فجعل الوط‍ ء فى الملك، وههنا


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر ابن مسعود الكاسانى ح‍ ٤ ص ١٢٥، ص ١٢٦ الطبعة الأولى طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍ سنة ١٩١٠ م.