للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفواجًا .. ثم ناطح كسرى وقيصر وانتصر عليهم .. على خلاف ما كان في عهد على ..

ثم قال: فإذ قد بطل كل ما ادعاه هؤلاء القائلون بأفضلية عَلِيّ على سائر الصحابة ولم تبق لهم إلا مجرد الدعاوى التي لا دليل عليها.

وصح بالبرهان أن أبا بكر هو الذي فاز بالقدح المعلى والحظ الأسنى في العلم بالقرآن والجهاد والزهد والتقوى والخشية والصدقة والعتق والمشاركة والطاعة والسياسة .. وهذه هي وجوه الفضل كلها .. فهو بلا شك أفضل من جميع الصحابة كلهم بعد نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ..

ولم نحتج على شيعة على رضى الله عنه بالأحاديث لأنهم لا يصدقون أحاديثنا ولا تصدق أحاديثهم ..

وإنما اقتصرنا على البراهين الضرورية بنقل ما فيه الكفاية فإن كانت الإِمامة تستحق بالتقدم في الفضل .. فأبو بكر أحق الناس بها بعد موت النبى - صلى الله عليه وسلم - يقينا .. وإذ قد صحت إمامة أبى بكر رضى الله عنه .. فطاعته فرض في استخلافة عمر رضى الله عنه .. فوجبت إمامة عمر فرضا بما ذكرنا وبإجماع أهل الإسلام عليها دون خلاف من أحد قطعًا .. ثم أجمعت الأمة كلها أيضًا بلا خلاف من أحد منهم على صحة إمامة عثمان والدينونة بها ..

وأما خلافة على فحق لا بنص ولا بإجماع ولكن ببرهان سنذكره إن شاء الله في الكلام في حروبه .. وقد نقلنا عنه فيما سبق ما قاله في صراحة وقطع .. من أن إمامة على كانت حقا وصحيحة، وأنها تمت بالبيعة الصحيحة في هدوء وأن الجميع كانوا متفقين على أحقيته بالإِمامة كما سبق ..

وقال ابن خلدون في مقدمته في الفصل السابع والعشرين في مذاهب الشيعة في حكم الإِمامة: اعلم أن الشيعة لغة هم الصحبة والاتباع ويطلق في عرف الفقهاء ومن المتكلمين من الخلف والسلف على اتباع على وبنيه رضى الله عنهم .. ومذهبهم الذي اتفقوا عليه جميعا أن الإمامة ليست من المصالح العامة التي تفوض إلى نظر الأمة، ويتعين القائم بها تعيينهم بل هي ركن الدين وقاعدة الإسلام ولا يجوز للنبى إغفاله ولا تفويضه إلى الأمة .. بل يجب عليه تعيين الإِمام لهم ويكون معصوما من الكبائر والصغائر ..

وأن عليا رضى الله عنه هو الذي عينه النبي صلوات الله وسلامه عليه بنصوص ينقلونها ويؤولونها على مقتضى مذهبهم لا يعرفها جهابذة السنة ولا نقلة الشريعة .. بل أكثرها موضوع أو مطعون في طريقه أو بعيد عن تأويلاتهم الفاسدة ..

وتنقسم هذه النصوص عندهم إلى جلى وخفى ..

فالجلى مثل قوله: من كنت مولاه فعلى مولاه .. وقالوا: ولم تطرد هذه الولاية إلا في على .. ولهذا قال عمر حين لقيه بعد ذلك: "أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة" ومنها قوله: "أقضاكم على" ولا معنى للإمامة إلا القضاء بأحكام الله .. وهو المراد بأولى الأمر الواجبة طاعتهم بقوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} ولهذا كان حكما في قضية الإمام يوم السقيفة دون غيره.

ومنه قوله: "من يبايعنى على روحه وهو وصى وولى هذا الأمر من بعدى فلم يبايعه إلا على …