للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن الخفى عندهم بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - عليا كقراءة سورة براءة في الموسم حين أنزلت وأنه بعث بها أولا أبا بكر ثم أوحى إليه ليبلغه رجل منك أو قال من قومك .. فبعث عليا ليكون القارئ المبلغ .. قالوا: وهذا يدل على تقديم على وأيضا فلم يعرف أنه قدم على عليّ أحد .. وأما أبو بكر وعمر فقدم عليهما في غزوتين .. أسامة بن زيد مرة وعمرو بن العاص مرة أخرى .. وهذه كلها أدلة شاهدة بتعيين على للخلافة دون غيره .. فمنها ما هو غير معروف ومنها ما هو بعيد من تأويلاتهم ..

ثم منهم من يرى أن هذه النصوص تدل على تعيين على وتشخيصه .. وكذلك تنتقل منه إلى من بعده ..

وهؤلاء هم الإمامية ويتبرؤون من الشيخين أبى بكر وعمر حيث لم يقدموا عليا ويبايعوه بمقتضى هذه النصوص ويغمصون ويطعنون في إمامتهما .. ولا يُلْتَفَتْ إلى نقل القدح فيهما من غلاتهم فهو مردود عندنا وعندهم …

ومنهم من يقول أن هذه الأدلة اقتضت تعيين على بالوصف لا بالشخص والناس مقصرون حيث لم يضعوا الوصف موضعه .. وهؤلاء هم الزيدية، ولا يتبرأون من الشيخين ولا يغمصون في إمامتهما مع قولهم أن عليا أفضل منهما لكنهم يجوزون العامة المفضول مع وجود الأفضل .. ثم اختلفت .. تقول هؤلاء الشيعة في مساق الخلافة بعد على فمنهم من ساقها في ولد فاطمة بالنص عليهم واحدًا بعد واحد على ما يذكر بعد .. وهؤلاء يسمون الإمامية نسبة إلى مقالتهم باشتراط معرفة الإمام وتعيينه في الإيمان .. وهى أصل عندهم ..

ومنهم من ساقها في ولد فاطمة لكن بالاختيار مع الشيوخ .. ويشترط أن يكون الإمام منهم عالما زاهدًا جوادًا شجاعا ويخرج داعيا إلى إمامته .. وهؤلاء هم الزيدية نسبة إلى صاحب المذهب وهو زيد بن علي بن الحسين السبط ..

وقد كان يناظر أخاه محمد الباقر على اشتراط الخروج في الإمام فيلزمه الباقر أن لا يكون أبوهما على زين العابدين إماما لأنه لم يخرج ولا تعرض للخروج وكان مع ذلك ينص عليه مذاهب المعتزلة وأخذه إياها عن واصل بن عطاء رأس المعتزلة ..

ولما ناظر الإمامية زيدًا هذا في إمامة الشيخين ورأوه يقول بإمامتهما لا يتبرأ منهما رفضوه .. ولم يجعلوه من الأئمة وبذلك سموا رافضة .. ومنهم من ساقها بعد على وابنيه السبطين على اختلافهم في ذلك إلى أخيهما محمد بن الحنفية ثم إلى ولده وهم الكيسانية نسبة إلى كيسان مولاه.

وبين هذه الطوائف اختلافات كثيرة تركناها اختصارًا .. ومنهم طوائف يسمون الغلاة تجاوزوا حد العقل والإيمان في القول بألوهية هؤلاء الأئمة .. إما على أنهم بشرًا اتصفوا بصفات الألوهية أو أن الإله حل في ذاته البشرية ..

وهو قول بالحلول يوافق مذهب النصارى في عيسى صلوات الله وسلامه عليه .. ولقد حرق على رضى الله عنه بالنار من ذهب فيه إلى ذلك منهم .. وسخط محمد بين الحنفية المختار بن أبى عبيد لما بلغه مثل ذلك عنه فصرح بلعنته والبراءة منه .. وكذلك فعل جعفر الصادق رضى الله عنه بمن بلغه مثل هذا عنه …

ومنهم من يقول إن كمال الإمام لا يكون لغيره فإذا مات انتقلت روحه إلى إمام آخر ليكون فيه ذلك الكمال .. وهو قول بالتناسخ ..