والجواب .. أن وجوب طاعته إنما هو فيما لا يخالف الشرع بشهادة قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} ويكفى في عدم كذبه في بيان الأحكام العلم والعدالة والإسلام .. وهذا ما يقال: إنما تجب عصمته لو كان وجوب طاعته بمجرد قوله ..
وأما إذا كان لكونه حكم الله ورسوله فيكفى العلم والعدالة كالقاضى والموالى بالنسبة إلى الخلق. والشاهد بالنسبة إلى الحاكم والمفتى بالنسبة إلى المقلد وأمثال ذلك .. على أن الإِجماع عند الشيعة إنما يكون حجة لاشتماله على قول المعصوم فإثبات العصمة به دونه.
الثالث: أن غير المعصوم ظالم لأن المعصية ظلم على النفس أو على الغير ولا شئ من الظالم بأهل للإمامة لقوله تعالى: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} والمراد عهد الإِمامة بقرينة السياق وهو قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي}.
والجواب: أن غير المعصوم أي من ليس له ملكة العصمة لا يلزم أن يكون عاصيا بالفعل فضلا عن أن يكون ظالما فإن المعصية أعم من الظلم وليس كل عاص ظالما على الإِطلاق .. ولو سلم فدلالة الآية على صدق الكبرى لا يتم لجواز أن يكون المراد عهد النبوة والرسالة على ما هو رأى أكثر المفسرين .. نعم يمكن إثباته بالإِجماع وفيه ما مر …
الرابع: أن الأمة إنما يحتاجون إلى الإِمام لجواز الخطأ عليهم في العلم والعمل ولذلك يكون الإِمام لطفا لهم … فلو جاز الخطأ على الإمام لوجب له إمام آخر ويتسلسل …
والجواب: أن وجوب الإِمام شرعى بمعنى أنه أوجب علينا نصبه لا عقلى مبنى على جواز الخطأ على الأمة كما زعمتم لأن في الشريعة القائمة غنى غنيته لولا إيجاب الشارع والضرر المظنون من عدم وجوده يندفع بعلمه واجتهاده وظاهر عدالته وحسن اعتقاده وإن لم يكن معصوما. لا يرى أن الخطأ جائز على المعصوم أيضا لما عرفت من أن العصمة لا تزيل المحنة .. وإن لم يندفع بذلك فكفى بخبر الأمم وعلماء الشرع مانعا دافعا ..
الخامس: أنه حافظ للشريعة فلو جاز عليه الخطأ لكان ناقضا لها لا حافظا فيعود على موضوعه بالنقض …
والجواب: أنه ليس حافظا لها بذاته بل بالكتاب والسنة وإجماع الأمة واجتهاده الصحيح. فإن أخطأ في اجتهاده وارتكب معصية فالمجتهدون يروون .. والآمرون بالمعروف يصدون وإن لم يفعلوا فلا نقض للشريعة القويمة.
السادس: أنه لو أقدم على المعصية فإما أن يجب الإِنكار عليه وهو مضاد لوجوب طاعته فيلزم اجتماع الضدين .. وأما أن لا يجب وهو خلاف النص والإِجماع ..
والجواب: أن وجوب الطاعة إنما هو فيما لا يخالف الشرع وأما فيما يخالفه فالرد والإنكار واجب والسكوت يكون عن اضطرار.
السابع: أنه لابد للشريعة من ناقل ولا يوجد في كل حكم أهل تواتر فلا بد أن يكون إمام معصوم عن الخطأ والجواب بأن الظن كاف في البعض فينقل بطريق الآحاد من الثقات وأما القطعى فإلى أهل التواتر وجميع الأمة وهم أهل عصمة عن الخطأ فلا حاجة إلى معصوم بالمعنى الذي قصدتم وليت شعرى بأى طريق نقلت الشريعة إلى الشيعة من الإِمام الذي لا يوجد