للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه إلا الاسم ..

واشتراط الغلاة من الروافض أن يكون الإِمام صاحب معجزة عالما بالغيوب وبجميع اللغات وبجميع الحرف والصناعات وبطبائع الأغذية والأدوية وبعجائب البر والبحر والسماء والأرض .. وهذه خرافات مفضية إلى نفى الإِمام ورفض الشريعة والإِحكام ..

بقيت النقطة الثالثة وهى إدعاء الشيعة النص على عليّ وأنه الإِمام بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد تكلم السعد في ذلك في موضعين ..

الموضع الأول في الكلام على ما إذا كان هناك نص من النبي على الإِمامة والإِمام بقطع النظر عن شخص الإِمام وهل هو أبو بكر أو على أو لم ينص أصلا ..

والموضع الثاني في كلامه في مناقشة الشيعة في أدلتهم على النص على عليّ رضى الله عنه ففى الموضع الأول تكلم على الخلافة (١) وقال إن جمهور أهل السنة والمعتزلة والخوارج قالوا إنه لا نص أصلا على إمام بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن البعض قال إنه نص على أبى بكر إماما بعده وإن الشيعة قالوا إنه نص على عليّ نصا خفيا وهو الذي لا يعلم المراد منه بالضرورة وهذا باتفاقهم جميعًا ..

وأما النص الجلي فهو عند الإِمامية دون الزيدية وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سلموا عليه بأمرة المؤمنين" وقوله مشيرًا إلى على وآخذا بيده: هذا خليفتى فيكم من بعدى فاسمعوا له وأطيعوا له" وقوله: "أنت الخليفة من بعدى" وقوله وقد جمع بنى عبد المطلب: "أيكم يبايعنى ويوآزرنى يكن أخى ووصى وخليفتى من بعدى" فبايعه على رضى الله عنه ثم ساق استدلال الجمهور على عدم النص أصلا وفيه رد على الشيعة الإمامية ولذلك سنذكره ..

قال: إنه لو كان نص جلى ظاهر المراد في مثل هذا الأمر الخطير المتعلق بمصالح الدين والدنيا لعامة الخلق - لتواتر ..

واشتهر فيما بين الصحابة وظهر على أجلتهم الذين لهم زيادة قرب بالنبى - صلى الله عليه وسلم - واختصاص بهذا الأمى بحكم العادة واللازم منتف وإلا لم يتوقفوا عن الإِنقياد له والعمل بموجبه ولم يترددوا حين اجتمعوا في سقيفة بنى ساعدة لتعيين الإِمام ولم يقل الأنصار:

منا أمير ومنكم أمير - ولم تَمِلْ طائفة إلى أبى بكر رضى الله عنه وأخرى إلى على رضى الله عنه، وأخرى إلى العباس رضى الله عنه ولم يقل عمر رضى الله عنه لأبى عبيدة رضى الله عنه أمدد يدك أبايعك - ولم يترك المنصوص عليه محاجة القوم ومخاصمتهم وإدعاء الأمر له والتمسك بالنص عليه.

فإن قيل: علموا ذلك وكتموه لأغراض لهم في ذلك كحب الرياسة والحقد على على رضى الله عنه لقتله أقرباءهم وعشائرهم في حربه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحسدهم إياه على ما له من المناقب والكمالات وشدة الاختصاص بالنبى - صلى الله عليه وسلم - وظنهم أن النص قد لحقه النسخ لما رأوا من ترك كبار الصحابة العمل به إلى غير ذلك من الاحتمالات وترك على رضى الله عنه المجاعة به تقية وخوفا من الأعداء وقلة وثوق بقبول الجماعة.

قوله: من كان له حظ من الديانة والإِنصاف علم قطعا براءة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجلالة أقدارهم عن مخالفة أمره في مثل هذا الخطب الجليل ومتابعة الهوى وترك الدليل .. وإن مثل على رضى الله عنه مع صلابته في الدين وبسالته


(١) الإمام السعد ص ٢٨٣.