للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشدة شكيمته وقوة عزيمته وعلو شأنه وكثرة أعوانه وكون أكثر المهاجرين والأنصار والرؤساء الكبار معه، قد ترك حقه ولم يطلبه كما قام به حين آل الأمر إليه أخيرًا وقاتل من نازعه وأثر على التقية الحمية في الدين والعصبية للإسلام .. ومن ادعى النص الجلى فقد طعن في كبار المهاجرين والأنصار عامة بمخالفة الحق وكتمانه وفى على رضى الله عنه خاصة بإتباعه الباطل وإذعانه .. بل طعن في النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث اتخذ هؤلاء أحبابا وأصحابا وأعوانا وأصهارًا مع علمه بحالهم في ابتدائهم ومآلهم .. بل وفى كتاب الله تعالى حيث اثنى عليهم وجعلهم خير أمة ووصفهم بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ..

ومن مكابرات الروافض إدعاؤهم تواتر هذا النص قرنا بعد قرن مع أنه لم يشتهر فيما بين الصحابة والتابعين ولم يثبت ممن يوثق به من المحدثين مع شدة ميلهم إلى على ونقلهم الأحاديث الكثيرة في مناقبه وكمالاته في أمر الدنيا والدين ولم ينقل عنه رضى الله عنه في خطبه ورسائله ومفاخرة إشارة إلى ذلك.

وابن جرير الطبرى مع إتهامه بالتشيع لم يذكر في روايته قصة هذه الزيادة التي يدعيها الشيعة من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنه خليفتى فيكم من بعدى" .. ونعم ما قال المأمون: وجدت أربعة في أربعة: الزهد في المعتزلة، والكذب في الرافضة، والمروءة في أصحاب الحديث، وحب الرياسة في أصحاب الرأى .. والظاهر ما ذكره المتكلمون من أن هذا المذهب أعنى دعوى النص الجلى مما وضعه هشام بن الحكم ونصره ابن الراوتدى وأبو عيسى الوراق وإضرابهم ثم رواه أسلافه الروافض شغفا بتقرير مذهبهم. قال الإمام الرازى: ومن العجائب أن الكاملين من علماء الشيعة لم يبلغوا في كل عصر حد الكثرة فضلا عن التواتر وأن عوامهم وأوساطهم لا يقدرون أن يفهموا كيفية هذه الدعوى على الوجه المحقق وأن غلاتهم زعموا أن المسلمين ارتدوا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يبق على الإسلام إلا عدد يسير أقل من العشرة فكيف يدعون التواتر في ذلك.

ثم انتقل الإمام السعد إلى الموضوع الثاني وقال (١): للشيعة في إثبات إمامة على رضى الله عنه بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وجوه من العقل والنقل والقدح فيمن عداه من أصحاب رسول الله الذين قاموا بالأمر ويدعون في كثير من الأخبار الواردة في هذا الباب التواتر بناء على شهرته فيما بينهم وكثرة دوراته على ألسنتهم وجريانه في أنديتهم وموافقته لطباعهم، ولا يتأملون أنه كيف خفى على الكبار من الأنصار والمهاجرين والثقات من الرواة والمحدثين ولم يحتج به البعض على البعض ولم يظهر إلا بعد انقضاء دور الإمامة وطول العهد بأمر الرسالة وظهور التعصبات الباردة وإفضاء أمر الدين إلى علماء السوء ومن العجيب أن بعض المتأخرين من المتشيعين الذين لم يروا أحدًا من المحدثين ولا رووا حديثا في أمر الدين - ملأوا كتبهم من أمثال هذه الأخبار والمطاعن في الصحابة .. وإن شئت فانظر في كتاب التجريد المنسوب إلى الحكيم نصير الطوسى كيف نصر الأباطيل وقرر الأكاذيب ..

والعظماء من عترة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأولاد على المعروفون بالدراية المحفوظون في الرواية ..


(١) المصدر السابق ص ٢٧٨ وما بعدها.