لهذه الأعمال والأقوال مجامل وتأويلات تليق بها وبهم ..
وذهبوا إلى أنهم محفوظون عما يوجب التضليل والتفسيق صونا لعقائد المسلمين من الزيغ والضلالة في حق كبار الصحابة سيما المهاجرين منهم والأنصار والمبشرين بالثواب في الجنة ومن عاهدوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وبايعوه وحضروا معه المواقع والغزوات ..
وأما ما جرى بعدهم من الظلم على أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن الظهور بحيث لا مجال لإخفائه ومن الشفاعة بحيث لا اشتباه فيه، فلعنة الله على من باشر أو رضى أو سعى في ذلك ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.
فإن قيل إن من العلماء من لم يجوز اللعن علي يزيد مع علمهم بأنه يستحق ما يربو على ذلك ويزيد ..
قلنا إنما ذهبوا إلى ذلك تحاميا عن أن يرتقى بهم السب إلى الأعلى فالأعلى كما هو شعار الروافض على ما يروى عنهم ويتبعونه في أدعيتهم ..
فرأى هؤلاء العلماء المعتنون بأمر الدين منع العوام من ذلك بالكلية طريقا إلى الاقتصاد في الإعتقاد حتى لا تزل الأقدام ولا تضل الأفهام ..
وهذا هو السر فيما نقل عن السلف من المبالغة في مجانبة أهل الضلال وسد طريق لا يؤمن أن يجر إلى الغواية مع علمهم بحقائق الأحواك والمشتكى إلى عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ..
.. وإلى هنا انتهى كلام الشيعة وفرقهم ومذاهبهم وآرائهم في الإمامة والإمام وما يستندون إليه ويستدلون به ومناقشة هذه الأسانيد والرد على تلك الأدلة ..
ولكن يهمس البعض بأن الشيعة الإمامية في هذه العصور لهم اتجاهات وآراء قد لا تتفق في بعض النقط مع ما نقله العلماء والمتكلمون من أهل السنة عن آرائهم ومذاهبهم ..
ومن ثم فقد رأيت أن أنقل فقرات من كتاب حديث ألفه أحد فقهاء الإمامية المعاصرين ليلقى ضوءًا على آرائهم ومعتقداتهم في هذه المسألة.
قال السيد محمد رضا المظفر من كبار فقهاء الشيعة الإمامية وعلمائهم في هذا العصر في كتابه (عقائد الإِمامية) (١) قال: نعتقد أن الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلا بالاعتقاد بها ولا يجوز فيها تقليد الآباء والأهل والمربين مهما عظموا أو كبروا .. بل يجب النظر فيها كما يجب النظر في التوحيد والنبوة كما نعتقد أنها كالنبوة لطف من الله تعالى ..
فلابد أن يكون في كل عصر إمام هادٍ يخلف النبي - صلى الله عليه وسلم - في وظائفه من هدايه البشر وإرشادهم إلى ما فيه الصلاح والسعاة في المنشأتين ..
وللإمام ما للنبى من العصمة والولاية التامة على الناس لتدبير شئونهم ومصالحهم وإقامة العدل بينهم ورفع الظلم والعدوان من بينهم ..
وعلى هذا فالإمامة استمرار للنبوة والدليل الذي يوجب إرسال الرسل وبعث الأنبياء هو نفسه الذي يوجب أيضا تعيين الإمام بعد الرسول ..
فلذلك نقول: إن الإمامة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان النبي أو على لسان الإمام الذي قبله. أي قبل الإمام المراد تعيينه. وليست هي الاختيار والانتخاب من الناس ..
(١) عقائد الإمامية للسيد محمد رضا المظفر من ص ٤٩ إلى ص ٦٠.