للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بتوزيعه في مصارفه، ويقضون بين الناس ويفصلون في خصوماتهم ويقيمون ما وُكل إليهم إقامته من حدود وينفذون الأحكام ..

وكان من عماله أبو دجانة الساعدى وسباع بن عرقطة عاملاه على المدينة وأبو سفيان بن حرب على نجران ومعاذ بن جبل على الجند ولما ولاه سأله: بم تقضى إذا عرض لك قضاء حديث مشهور ..

وعتاب بن أسيد على مكة وعلى بن أبى طالب على اليمن وقال له: إذا حضر الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع منهما ودعا له بالتوفيق والسداد في القضاء .. واستعمل العلاء بن الحضرمى على البحرين وعزله لما شكاه وفد عبد القيس وولى بدله أسامة بن سعيد وقال له: استوصى بعبد القيس خيرا وأكرم سراتهم ..

وكان يحاسب العمال ويسألهم .. حاسب أحد عمال الصدقات فقال: هذا لكم وهذا أهدى إليّ .. فقال النبي: ما بال الرجل نستعمله على العمل بما ولانا الله فيقول: هذا لكم وهذا أهدى إليّ .. أفلا قعد في بيت أبيه وأمه .. فنظر .. أيهدى إليه أم لا؟ .. من استعملناه على عمل ورزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول ..

ونظم - صلى الله عليه وسلم - الموارد المالية وحدد مصارفها طبقًا لما بينه الله تعالى في الكتاب: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} .. {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}.

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} .. {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.

وفى شئون الحرب والدفاع نزل قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ .. } وكان الرسول هو الذي يعلن الحرب ويدير شئونها ويرسم لها الخطط بالتشاور مع أولى الرأى من أصحابه ويعين رؤساء البعثات والقواد ..

وكان المسلمون كلهم جندا لله يقاتلون في سبيل الله ويدافعون عن دين الله وأول لواء عقد في الإِسلام لواء عبد الله بن جحش وأول مغنم كان مغنمه. وقد سمع النبي باستخدام النساء في الحروب يقمن من الأعمال بما يقدرن عليه يخدمن الجرحى ويتولين الطعام والإسقاء ويحمسن المقاتلين بالأناشيد والضرب على الدفوف ويأخذن من العطاء ..

وفى شئون القضاء: قضى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بين الناس وفصل في كثير من خصوماتهم بنفسه وولى غيره من أصحابه القضاء ومن هؤلاء عبد الله بن نوفل أول قاض على المدينة ونظرًا لضيق رقعة الإِسلام وقلة الأعمال إذ ذاك جعل القضاء والفصل في الخصومات من أعمال الولاة كما أشرنا في تولية معاذ بن جبل وعلي بن أبى طالب حتى إذا ما اتسعت رقعة الإسلام وعظم شأن المسلمين في عهد عمر بن الخطاب فصل القضاء عن الولاية وجعله ولاية مستقلة ..

أما شئون التشريع فلم تكن لأحد في عهد النبي سواه يتولاها عن طريق الوحى بالكتاب والسنة.

وكما تثبت السيرة النبوية الكريمة وكتب