للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سعد: جعلت أمرى إلى عبد الرحمن .. فصارت الشورى بعد الستة في هؤلاء الثلاثة وخرج منها أولئك الثلاثة .. فقال عبد الرحمن: أيكم يبرأ من هذا الأمر ونجعله إليه والله عليه شهيد ليحرص على صلاح الأمة .. فلم يجبه أحد.

فقال عبد الرحمن: أتجعلونه إلى وأخرج نفسى منه .. والله على شهيد على أنى لا آلوكم نصحا .. فقالا: نعم .. فقال: قد فعلت .. فصارت الشورى بعد الستة في ثلاثة .. ثم بعد الثلاثة في اثنين على وعثمان .. ثم مضى عبد الرحمن يستعلم من الناس ما عندهم .. فلما أجنهم الليل استدعى المسور بن مخرمة وأشركه معه .. ثم حضر فأخذ على كل واحد منهما العهود أيهما بويع ليعلمن بكتاب الله وسنة نبيه .. ولئن بويع لغيره ليسمعن وليطيعن .... ثم بايع عثمان بن عفان ..

فكانت الشورى التي دخل أهل الإمامة فيها وانعقد الإجماع عليها أصلا في انعقاد الإِمامة وفى انعقاد البيعة بعدد يتعين فيه الإِمامة لأحدهم باختيار أهل الحل والعقد ..

فلا فرق بين أن نجعل شورى في اثنين أو أكثر إذا كانوا عددًا محصورًا .. ويستفاد منها أن لا نجعل الإِمامة بعده في غيرهم ..

فإذا تعينت بالاختيار في أحدهم جاز لمن أفضت إليه الإِمامة أن يعهد بها إلى غيرهم ..

وليس لأهل الاختيار إذا جعلها الإمام شورى في عدد أن يختار أحدهم في حياة المستخلف العاهد إلا أن يأذن لهم في تقديم الاختار في حياته لأنه بالإِمامة أحق .. فلم يجز أن يشارك فيها ..

فإن خافوا انتشار الأمر بعد موته استأذنوه واختاروا إن أذن لهم .. فإن صار إلى حال إياس نظر .. فإن زال عنه أمره وغرب عنه رأيه فهى كحاله بعد الموت في جواز الاختيار .. وإن كان على تمييزه وصحة رأيه لم يكن لهم الاختيار إلا عن إذنه.

حكى ابن إسحاق أن عمر - رضى الله عنه - لما دخل منزله مجروحًا سمع هذه فقال: ما شأن الناس؟ قالوا: يريدون الدخول عليك .. فأذن لهم ..

فقالوا: أعهد يا أمير المؤمنين .. استخلف علينا عثمان. فقال: كيف بحب المال والجنة .. فخرجوا من عنده ثم سمع لهم هذه ..

فقال: ما شأن الناس؟ .. قالوا: يريدون الدخول عليك .. فأذن لهم ..

فقالوا: استخلف علينا على بن أبى طالب .. قال: إذن يحملكم على طريقة هي الحق ..

قال عبد الله بن عمر: فاتكأت عليه عند ذلك، وقلت: يا أمير المؤمنين .. وما يمنعك منه؟ قال: يا بنى: أتحملها حيا وميتًا .. ويجوز للخليفة أن ينص على أهل الاختيار كما يجوز أن ينص على أهل العهد .. فلا يصح إلا اختيار من نص عليه كما لا يصح تقليدا إلا من عهد إليه لأنهما من حقوق خلافته.

ولو عهد الخليفة إلى اثنين أو أكثر ورتب الخلافة فيهم .. فقال: الخليفة بعدى فلان .. فإن مات فالخليفة بعد موته فلان .. فإن مات .. فالخليفة بعده فلان جاز وكانت الخلافة متنقلة بين الثلاثة على ما رتبها .. فقد استخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جيش مؤته زيد بن حارثة .. وقال: فإن أصيب فجعفر بن أبى طالب .. فإن