فلان فلانا يستخلفه فهو خليفته ومستخلفه .. فإن قام مكانه دون أن يستخلفه هولم يقل إلا خلف فلان فلانا يخلفه فهو خالف .. ولا يقال: احتمل أن يتصدوا بذلك الاستخلاف على الصلاة لوجهين ضرورين:
الأول: أنه لا يستحق أبو بكر هذا الاسم على الإِطلاق في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو حينئذ خليفته على الصلاة فصح يقينا أن خلافته المسمى بها هي غير خلافته على الصلاة ..
الثاني: أن كل من استخلفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى حياته كعلى في غزوة تبوك وابن مكتوم في غزوة الخندق، وعثمان بن عفان في غزوة ذات الرقاع وسائر من استخلفهم على البلاد باليمن والبحرين والطائف وغيرها - لم يستحق أحد منهم قط بلا خلاف من أحد من الأمة أن يسمى خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإِطلاق ..
فصح يقينا بالضرورة التي لا محيد عنها أنها للخلافة بعده على أمته ومن الممتنع أن يجتمعوا على ذلك وهو عليه الصلاة والسلام لم يستخلفه نصا .. ولو لم يكن هاهنا إلا استخلافه إياه على الصلاة ما كان أبو بكر أولى بهذه التسمية من غيره ممن ذكرنا ..
وهذا برهان ضرورى نعارض به جميع الخصوم .. وأيضا فإن الرواية قد صحت بأن امرأة قالت: يا رسول الله! أرأيت إن رجعت ولم أجدك كأنها تريد الموت .. فقال لها: إئتِ أبا بكر .. وهذا نص جلى على استخلاف أبى بكر وأيضًا فإن الخبر قد جاء من الطرق الثابتة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة - رضى الله عنها - في مرضه الذي توفى فيه عليه السلام: لقد هممت أن أبعث إلى أبيك وأخيك فأكتب كتابا وأعهد عهدا كليلا .. يقول قائل: أنا أحق .. أو يتمن متمن .. وبأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر .. وروى أيضا: ويأبى الله والنبيون إلا أبا بكر .. فهذا نص جلى على استخلافه - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر - رضي الله عنه - على ولاية الأمة بعده.
قال أبو محمد: ولو أننا نستجيز التدليس والأمر الذي لو ظفر به خصومنا لطاروا به فرحا أو أبلسوا أسفا لاحتججنا بما روى .. اقتدوا بالذين من بعدى أبى بكر وعمر لكنه لم يصح ويعيذنا الله من الاحتجاج بما لا يصح ..
قال أبو محمد: واحتج من قال: لم يستخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدًا بعده على الإمامة بالخبر المأثور عن عبد اللّه بن عمر عن أبيه أنه قال عندما طعنه أبو لؤلؤة وطلب منه المسلمون أن يستخلف عليهم: أن استخلف فقد استخلف من هو خير منى يعنى أبا بكر ..
وإن لا استخلف فلم يستخلف من هو خير مني .. يعنى: رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - .. وبما روى عن عائشة: أمن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستخلفا لو استخلف .. فمن المحال أن يعارض الإِجماع الذي ذكرنا والأثران الصحيحان المسندان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لفظه يمثل هذين الأثرين الموقوفين على عمر وعائشة - رضى الله عنهما - مما لا يقوم به حجة وما ليس له وجه ظاهر من أن هذا الأثر خفى على عمر - رضى الله عنه - كما خفى عليه كثير من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كالاستئذان وغيره .. أو أنه أراد استخلافا مكتوبا ..
ونحن نقر أن استخلاف أبى بكر لم يكن بكتاب مكتوب .. وأما الخبر في ذلك عن عائشة. فكذلك نصا .. وقد يخرج كلامها على سؤال سائل ..
وإنما الحجة في روايتها لا في قولها .. وأما من ادعى أنه إنما قدم أبو بكر قياسًا على